جميع الأنحاء اليمنية ، كما أشار إلى ذلك كثير من مؤرخي اليمن ، وأسلفنا الإشارة إليه أيضا.
فلما عرف حراجة الموقف وكثرة المثّبطات ومفتّرات السعي اختصر لنفسه طريق العمل بالا (١) إلى رجل عظيم فيه الأمل المنشود :
فيه ما تشتهي العزائم ان هسّم |
|
ذويها ويشتهي الأذكياء |
فلمن حاول النعيم نعيم |
|
ولمن آثر الشقاء شقاء |
وكانت الآمال مشرئبة والنفوس متطلعة ، والأعناق متطاولة من أبي العتاهية ، ومن غيره إلى الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين بن القاسم عليه السلام ، فكانوا يراسلونه ، ويفدون إليه كما فعل الدّعام ، وأهل نجران ، وغيرهم ، بيد أن أطماع الكثير منهم كانت تحدوهم إلى الإنحراف عن جادّة السلوك وتنبو بهم إلى هوة الحضيض ، وتقطع أعناق الرّجال المطامع ، فبادر أبو العتاهية ، إلى التخلي من متاعب الزعامة ، وانصاع الى التقشف والعزلة ، وآثر حياة الفرد وعيش الجندية على الملك والرفاهية ولسان الحال منه عند ذلك تنشد :
إذا ما لم تكن ملكا مطاعا |
|
فكن عبد المالك مطيعا |
وان لم تملك الدنيا جميعا |
|
كما تهوى فاتركها جميعا |
هما سببان من ملك وترك |
|
ينيلان الفتى الشرف الرفيعا |
فمن يقنع من الدنيا بشيء |
|
سوى هذين عاش بها وضيعا |
وأقام الإمام بصنعاء وضرب السكة باسمه ، ودعا النّاس إلى البيعة له قال الشرفي في اللآلى ، نقلا عن المنصور بالله عليه (٢) السلام : أنه لما
__________________
(١) كذا وكتبها ولعله كتبها بالالتجا فمسح الأحرف الأخيرة ، من الكلمة لأن الالتجاء لا يكون إلّا إلى الله وقد ظهر أثر الكشط واضحا.
(٢) المتوفى سنة ٦١٤ سيأتي.