حسنه ومغناه ، وسلام على جنابه الأرفع ، ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ، بإن رابطة العلم والأدب ، وصفاء الود المؤسس على تقوى من الله ورضوان ، تراث توارثه الأبناء عن الآباء ، حدا بي إلى مفاتحة جنابكم الملحوظ بعين الإكبار والإجلال بالمراسلة وإهدائكم ما تم طبعه من تاريخنا من إتحاف أعلام الناس ، وهو أجزاء خمسة ، راجيا أن لا ينبذ وراءكم ظهريا ، وأن تعيروه حصة من وقتكم الثمين ، المعمور بما يقرب من الله زلفى اقتفاء لآثار الأسلاف المتقين ، وتنبيهي على ما زاغ به القلم ، أو نبا عنه البصر ، وضمه من خطا وخطل ، شأن البشر ، وقد زرت في هذه الأيام الأخيرة القطر السوسي ، ولم يكن لي علم بمحل استقراركم ، حتى رجعت لتارودانت ، وراجت المذاكرة بيني وبين محب الطرفين الفقيه الأديب ، السيد محمد الشنجيطي البيضاوي (٥٨) ، باشا تارودانت في العلماء والأدباء المعاصرين ، فأخبرني بأنكم العلم المفرد في هذا الزمان ، وشنف سمعي بما منحكم الله من الشمائل الشماء ، وميزكم به دون من عداكم من علو الكعب في الأدب الراقي والشعر الفائق الرائق ، والوقوع على بديع النكت العلمية والدقائق ، أسفي على عدم زيارتكم ، وتجديد المواثق والعهود وإحكام ربط صلة الوصل ، ولو بكتب سواد في بياض ، والله أرجو أن لا يحرمنا من اللقى على حالة رضى الله والرسول ، فنتملى من آدابكم الجم ، والسلام التام ، عائد على مقامكم الأسمى ، ورحمة الله وبركاته ، من كاتبه مجلّ قدركم ابن زيدان المذكور صدره ، في فاتح صفر الخير عام ١٣٥٥.
عنواني إن تنازلتم للجواب يكون هكذا :
نقيب العائلة السلطانية ، الشريف عبد الرحمان ابن زيادان بمكناس ه.
انتهى من خطه ، جزي خيرا ، ووقي ضيرا ، فلما وصلني الكتاب أجبته بما نصه :
__________________
(٥٨) محمد الشنجيطي البيضاوي : ولد بشنقيط ، سنة ١٣٢٢ ه ، تلقى تعليمه الأول في شنجيط وحضر دروس علماء الرباط وفاس والمشرق ، اشتغل بالتعليم والقضاء والترجمة والصحافة ، فكان محررا في جريدة السعادة ، ثم باشا في تارودانت ، له أشعار كثيرة ومقالات نقدية هامة ، أنظر ترجمته في الشعر الوطني المغربي» ص ، ٢٤٣. ديوان العلامة الأديب محمد البيضاوي الشنقيطي ، جمع وتقديم ، محمد الظريف.