«الحمد لله وحده ، صلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم.
إلى سيادة الأخ في الله ، العلامة الشهير ، الأستاذ الكامل الكبير ، الفقيه المشارك ، الأجل ، العمدة ، الجامع ، الأفضل ، واسطة عقد العلماء الأعيان ، بحر يواقيت المعاني والبيان ، أعجوبه الزمان ، شمس العرفان ، عظيم القدر والشأن ، نقيب العائلة السلطانية ، الشريف سيدي عبد الرحمان بن زيدان زاد الل احترامه وأدام إعظامه وإكرامه ، وأبقى نجوم سعده طالعة ، وثمار علمه يانعة. من أخيه وحبيبه ما العينين بن العتيق ، دفين فاس الجديد ، الإدريسي القلقمي ، سلام يليق بمجادته العظى ، ومقامه الأسمى ، ورحة الله تعالى وبركاته ، هذا وقد وصلني كتابكم الأبهى بما تضمنه من خطابكم الأشهى ، مصحوبا بالأجزاء الخمسة التي تم طبعها من تاريخ سيادتكم «أتحاف أعلام الناس» ، فحل منى محل الإنسان من السواد والسويداء من الفؤاد ، ومثلكم من بدأ بالفضل والامتنان ودعته آصرة الود الأدبي إلى مزيد الاعتناء والإحسان بعلو همتكم ، وسمو رتبتكم أهل لما تفضلتم به من افتتاح المراسلة التي هي غاية المنية ونهاية البغية ، ومن إتحافي بتاريخكم الإتحاف ، السافر عن محاسن أسلافكم الأشراف ، ومنذ وصل يدي ، جعلته نصب عيني ، ولم أغادر حاجزا بينه وبيني ، فألقيته بحرا زاخرا ، وروضا زاهرا ، تقتني منه درر الآثار ، وتجتنى منه ثمر الأخبار ، أخذ من فنون التاريخ أنفعها ، ومن أساليب التأليف أبدعها ، شفى الغليل في موضوعه المراد ، ونمقه بلطائف الاستطراد ، فضم الفوائد الجليلة ، والمآثر الجميلة ، والنكت العجيبة ، والنتف المطربة ، والآداب الرائقة ، والأشعار الفائقة ، ما يقرّ آماق الناظرين ، ويشنف آذان السامعين ، فلا مطعن فيه لحاسد ، ولا مغمز فيه لنا قد ، فأذن بفخامة قدركم العلي ، وتبحركم في العلمين النقلي والعقلي. وقد تلقيته بأيدي القبول والسرور والاحتفال والحبور ، راجيا منه تعالى أن يجعله عملا مبرورا وسعيا مشكورا وأن يمتع المسلمين بدوام بقائكم وأن لا يحرمنا من الابتهاج بلقائكم ، وقد سمحت القريحة بأبيات في تقريظه ، ملتمسا من سيادتكم نظرها بعين الرضا والمسامحة ، جعلنا الله وإياكم من الراضين المرضيين الهادين المهتدين المتمسكين بسنته عليه الصلاة والسلام ، بالتمام ، والسلام ، كما بدأ يعود على جنابكم المحمود. في ٢٠ صفر الخير عام ١٣٥٥. ما العينين بن العتيق المذكور».