البنوة والسلام ، في أوائل المحرم الحرام عام ١٣٤٦ ، كتبه ابنكم ماء العينين بن العتيق ، كان الله لهما آمين.
ولما وصله أعزه الله الكتاب ، كتب لي ما نصه في الجواب :
«الحمد لله وحده حمد من عبده ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد عين الرحمة ، القائل إن من البيان لسحرا ، وإن من الشعر لحكمة ، اللهم احفظ بحفظك الذي لا يضام ، واكنف بكنفك الذي لا يرام ، واحرس بعينك التي لا تنام ، إبننا العامل العلامة الدراكة الفهامة ، النحرير ، العامل الواصل الكامل ، ابن أختنا ، قرة العينين ، ثمرة الجنبين ، السيد ماء العينين ابن ابن عمتنا ، وابن عمنا العالم العامل المحقق الأفيق ، السيد العتيق ـ روّح الله روحه في أعلى فريق ـ هذا وبعد السلام فض الإخلاص ختامه ، ونصب القبول في ساحته خيامه على سيادتكم ، ورحمة الله على مجادتكم ، ورفع أدعية مرجوّة القبول ، تحقق لحسن طويتكم ما هو المأمول ، قد وصل كتابكم الذي مثله في البلاغة يعز المنبئ عن كل معنى بلفظ معجز ، تشبيهاته مصيبة ، واختراعاته عجيبة ، جعلتم بعضه مسلسلا ، ويعضه مرسلا ، فالحقتم الشكل بنظاره ، وأعلقتم الأول بآخره ، يشتد حتى تقول الصخر الأعلس ، ويلين حتى تقول الماء أو أسلس ، سواحر ألفاظ كفواتر الألحاظ ، معتقات معان ، كأنها فك عان ، كلام سديد ، قريب بعيد كالشمس تقرب ضياء ، وتبعد رفعة وعلاء ، يسيل في الأذهان سيل السلسبيل ، ليس إلى بلاغته من سبيل ، لا متناعه مع اتساعه ، وتعسيره في تيسيره ، ما أبرع عبارته وأبدع استعارته ، يدعو إلى حفظه حسن معناه ولفظه ، تطابقت أنحاؤه ، وتوافقت أجزاؤه ، يصبو إليه السمع والطرف ويجري فيه ماء الملاحة والظرف ، كأنما تنفّس الأسحار بنسيمه وتصدع الأصداف عن نظيمه ، ونفث هاروت في وشي بروده ، وحبات القلوب من نظم عقوده :
[البسيط]
معنى بديع وألفاظ منمّقة |
|
رقيقة وصنيع كلّه عجب |