القرآن» (٥٩). قال شارحه الشيخ أحمد النفراوي (٦٠) المالكي ما نصه : «ولا بأس بالاكتواء ، أي يجوز على قول الأكثر بناء على المشهور من أن الأفضل استعمال الأخذ في الأسباب ، لأنه لا ينافي التوكل كما قدمنا بسطه. ومن المتفق على عدم جواز التداوي به ، الاكتحال بالعذرة للرمد. وظواهر نصوص الأئمة جواز كشف العورة للتداوي. وقد وقع الخلاف في الحقنة. وسئل مالك في مختصر ابن عبد الحكم عنها ، فقال لا باس بها ، لأنها ضرب من الدواء ، وفيها منفعة للناس ، وقد أباح النبي صلىاللهعليهوسلم التداوي ، وأذن فيه ، فقال : ما أنزل الله داء إلا وله دواء ، علمه من علمه ، وجهله من جهله ، فتداووا عباد الله. وتحمل النقول المخالفة لهذا على حالة الاختيار والجواز على حالة الاضطرار ، فيتفق النقلان ، ثم شرع في بيان ما يرقى به ، فقال : ولا باس بالرقى ، جمع رقية بكتاب الله ، ولو بآية منه ، قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ). ويرقى بالفاتحة ، وآخر ما يرقى به منها وإياك نستعين ، ومما يرقى به كثيرا آيات الشفاء الست. وقد قال بعض الشيوخ ممن عرف بالبركة ، من كتب ، الله لطيف بعباده ست عشرة مرة في إناء نظيف وقرأ عليها آيات الشفاء ، ومحاها بماء النيل ، وسقاه لمن به مرض مثقل فإن قدر له الحياة شفاه الله بأسرع وقت ، وإن قدر له الموت سكن ألمه ، وهون عليه الموت ، وقد جرب مرات كثيرة فصح ، وآيات الشفاء ست : الأولى : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)(٦١). الثانية : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ)(٦٢) الثالثة : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ، فِيهِ شِفاءٌ
__________________
(٥٩) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ص ٣٧٠ خ ٢ مطبعة مصطفى محمد المكتبة التجارية ، ١٣٥٥ ه.
(٦٠) أحمد النفراوي : هو أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي. ولد ببلدة نفرة ونشأ بها ، ثم حضر إلى القاهرة ، فتفقه على اللقاني ، ثم لازم عبد الله الزرقاني ومحمد الخرشي ، توفي سنة ١١٢٥ ه. من تآليفه : الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني ، وهو كتاب في الفقه المالكي طبع بمصر سنة ١٣٣١ ه. في ثلاثة أجزاء ، وهو المقصود هنا.
(٦١) سورة التوبة الآين ١٤.
(٦٢) سورة يونس آية ٥٧.