واستقدمونا تلك الساعة لتطوان ، وأتونا بالسيارات فركبنا من وقتنا عليها ، ونزلنا عند تطوان وقت العشاء ، وبينها مع سبتة قدر ساعة للسيارة ، فنزلنا في ضيافة المخزن ، وبالغ في إكرامنا والاعتناء بنا ، فلما كان الغد ، وهو يوم الخميس متم شوال ، قدم علينا مريد شيخنا الشيخ ماء العينين الواصل ، قائد المشور السيد محمد المصطفى (١٥٣) بن مريده المرحوم بالله الكامل الواصل القائد ادريس بنعيش ، هو وأخوه سيادة الباشا محمد فاضل (١٥٤) ابن القائد ادريس ، فرحبا غاية وأظهرا من البشاشة والفرح بمجيئنا ما لا مزيد عليه ، وما زالا يترددان أيامنا بتطوان علينا للزيارة من الشيخ مربيه ربه والتبرك به ، وإظهار الإكرام له ولسائر وفدنا ، ولطلب صالح الدعاء ، جزيا خيرا. فلما صلينا المغرب ليلة الجمعة التفت الشيخ مربيه ربه أعزه الله إلى وفد الحجاج الذين قدموا معه ووعظهم بخطبة بليغة ، نصحهم فيها وحثهم على ملازمة مكارم الأخلاق والمواظبة على العبادة ، وحثهم على صلاة الجماعة وعلى التواضع وقال : من تواضع لله رفعه ، كما قال شيخنا رضياللهعنه :
ومن تواضع له الله رفع |
|
وشرف العبد إذا هو اتّضع |
ثم قال : «اعلموا أنكم خرجتم لحج بيت الله وزيارة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وينبغي للحاج أن يلاحظ من يوم خروجه من بيته أنه في حرم الله وفي ضمانه ويخلص نيته
__________________
(١٥٣) محمد المصطفى بنعيش ، ولد أواسط سنوات الثمانين من القرن ١٩ م ، بمكناس ، عمل ممثلا لوالده القائد إدريس بنعيش في بعض الأعمال ذات الطابع الحربي ، أهمها محلة التهامي الكلاوي لمحاربة بوحمارة ، عين باشا في تازة ، ثم خليفة لقائد المشور حمو الضراوي ، ثم قائدا للمشور بعد ذلك ، ثم باشا لتطوان ، ثم قائدا لمشور الخليفة بتطوان منذ سنة ١٩١٣ ، وظل بهذه الصفة إلى أن توفي بتطوان سنة ١٩٤٢. زودني بهذه المعلومات الحاجب الملكي السيد علي بنعيش.
(١٥٤) محمد فاضل بنعيش ، ولد سنة ١٨٨٤ بمكناس ، عمل كاتبا بالصدارة العظمى في عهد السلطان مولاي عبد العزيز ثم مولاي عبد الحفيظ مع المفضل غرنيط ، فيسنة ١٩٣٨ عين باشا بأصيلا وظل بها إلى عهد الاستقلال ، توفي سنة ١٩٦٢ بأصيلا ، نفس المصدر السابق.