وعلمه ، ويجانب ما يحبط عمله ، قال تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ، فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ)(١٥٥). قال دام عزه : «أما أشهر الحج ، فالمراد بها شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ومعنى الرفث الجماع والفحش من القول والفسوق والمعاصي» ، وفي الصحيحين عنه صلىاللهعليهوسلم «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (١٥٦) «والحج المبرور ليس له جزاء عند الله إلا الجنة» (١٥٧) ، والمبرور الذي لم يخالطه مأثم ، وقيل المقبول ، وفي الأثر : «ما حجّ ولكن دجّ» (١٥٨) أي تجر ، ويقال إن من الجدال المنهي عنه أن يقول الحاج لأخيه إذا قال له الطريق لهذه الجهة ، ليس الأمر كذلك بل لهذه لجهة ، ثم قال أعزه الله : «ويحكى أن رجلا تردد إلى بيت الله ، ولا يدري هل عمله مقبول أم لا ، فبينما هو كذلك ، إذ ناداه هاتف يقول له : دعاك الله إلى بيته ، وهل [لا] يدعو إلى بيته إلا من يحب ، فسرى عنه» ، ثم قال أعزه الله : قال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(١٥٩) ، وقال تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ)(١٦٠) ، والناس كلهم ترونه مشتغلا بما هو بصدده من تجارة أو حراثة أو تعلم أو عبادة ، أو غير ذلك ، ولا يرد أحدهم البال إلا لشغله ، فتنبهوا أنتم وردوا بالكم لما خرجتم له من الطاعة ، وهو حج بيت الله الحرام ، فلا يشغلكم عنه شغل ، ولا تجمح به أنفسكم إلى غيره من أشغال غيركم فتتعبوا فيما لا ينفعكم ، وعليكم بالصلاة لأول وقتها ، قال صلىاللهعليهوسلم : «أول الوقت رضوان الله ، ووسط الوقت رحمة الله ، وآخر الوقت عفو الله» (١٦١) ، «وعليكم بالمحافظة على
__________________
(١٥٥) سورة البقرة ، آية ١٩٦.
(١٥٦) الجامع الصغير ، حديث رقم ٥٧٣٣.
(١٥٧) نفس المصدر ، حديث رقم ٣٧٩٣.
(١٥٨) مجمع الأمثال ، الميداني ، ج ، ٣ مثل رقم ٣٨٩٢.
(١٥٩) سورة المائدة ، آية ٣.
(١٦٠) سورة العصر ، آية ٢.
(١٦١) الجامع الصغير ، حديث رقم ٢٨٠٨.