وولي على مصر عبدويه بن جبلة (١) من الأبناء على الصلاة ، فخرج ناس بالحوف في شعبان ، فبعث إليهم وحاربهم حتى ظفر بهم ، ثم قدم الأفشين حيدر بن كاوس الصفديّ إلى مصر لثلاث خلون من ذي الحجة ، ومعه عليّ بن عبد العزيز الجرويّ لأخذ ماله ، فلم يدفع إليه شيئا ، فقتله ، وصرف عبدويه ، وخرج إلى برقة.
وولي عيسى بن منصور بن موسى بن عيسى الرافعيّ ، فولى من قبل أبي إسحاق أوّل سنة ست عشرة على الصلاة ، فانتقضت أسفل الأرض عربها ، وقبطها في جمادى الأولى ، وأخرجوا العمال لسوء سيرتهم ، وخلعوا الطاعة ، فقدم الأفشين من برقة للنصف من جمادى الآخرة ، ثم خرج هو وعيسى في شوّال ، فأوقعا بالقوم ، وأسرا منهم وقتلا ، ومضى الأفشين ورجع عيسى ، فسار الأفشين إلى الحوف ، وقتل جماعتهم ، وكانت حروب إلى أن قدم أمير المؤمنين عبد الله المأمون لعشر خلون من المحرّم سنة سبع عشرة ومائتين ، فسخط على عيسى وحلّ لواءه ، فأخذه بلباس البياض ، ونسب الحدث إليه ، وإلى عماله وسير الجيوش وأوقع بأهل الفساد وسبى القبط ، وقتل مقاتلتهم ، ثم رحل لثمان عشرة خلت من صفر بعد تسعة وأربعين يوما.
وولي كيدر (٢) وهو نصر بن عبد الله أبو مالك الصفديّ ، فورد كتاب المأمون عليه بأخذ الناس بالمحنة في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة ، والقاضي بمصر يومئذ هارون بن عبد الله الزهريّ ، فأجاب ، وأجاب الشهود ، ومن وقف منهم سقطت شهادته ، وأخذ بها القضاة والمحدّثون والمؤذنون ، فكانوا على ذلك من سنة ثمان عشرة إلى سنة اثنتين وثلاثين ، ومات المأمون في رجب سنة ثمان عشرة ، وبويع أبو إسحاق المعتصم ، فورد كتابه على كيدر ببيعته ، ويأمره بإسقاط من في الديوان من العرب ، وقطع العطاء عنهم ، ففعل ذلك ، فخرج يحيى بن الوزير الجرويّ في جمع من لخم وجذام ، ومات كيدر في ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين.
فولى ابنه المظفر بن كيدر باستخلاف أبيه وخرج إلى يحيى بن وزير ، وقاتله وأسره في جمادى الآخرة ، ثم صرفت مصر إلى أبي جعفر أشناس فدعي له بها ، وصرف مظفر في شعبان.
فولي موسى بن أبي العباس ثابت من قبل أشناس على الصلاة مستهلّ شهر رمضان
__________________
(١) من قواد بني العباس ولي إمارة مصر سنة ٢١٥ ه نيابة عن المعتصم حين كان واليا لعهد المأمون. أصله من الأبناء. الأعلام ج ٤ / ١٨٦.
(٢) أصل أبيه من الصفد من كبار القواد والولاة في العصر العباسي ولي أسرة مصر سنة ٢٢٤ ه وصرف عنها توفي بالإسكندرية سنة ٢٣٣ ه. الأعلام ج ٥ / ٢٦٦.