عليّ المادرانيّ ، فلما مضت عليه سنة رفع فيه أنه كسب عشرة آلاف دينار ، فخاطبه في ذلك ، فحلف بالإيمان الغليظة على بطلان ذلك ، فأقسم أبو بكر المادرانيّ بمثل ما أقسم به لئن خرجت سنتنا هذه ، ولم تكسب هذه الجملة لأصحبتني ، ولم يزل في صحبته إلى أن صودر أبو بكر ، فأخذ منه ، ومن رشيق مال جزيل ، وذكر : أن الحسن بن أبي المهاجر موسى بن إسماعيل بن عبد الحميد بن بحر بن سعد كان على البريد في زمن أحمد بن طولون ، وقتله خمارويه ، وسبب ذلك ما كان في نفس عليّ بن أحمد المادرانيّ منه ، فأغرى خمارويه به ، وقال : قد بقي لأبيك مال غير الذي ذكره في وصيته ، ولم يقف عليه غير ابن مهاجر ، فطالبه ، فلم يزل خمارويه بابن مهاجر إلى أن وصف له موضع المال من دار خمارويه ، فأخرج فكان مبلغه ألف ألف دينار ، فسلمه إلى أحمد المادرانيّ ، فحمله إلى داره ، وأقبلت توقيعات خمارويه فأخرج ، فكان مبلغه ألف ألف دنار ، فسلمه أموال الضياع والمرافق ، وحصلت له تلك الأموال ، ولم يضع يده عليها إلى أن قتل ، وصودر أبو بكر محمد بن عليّ في أيام الإخشيد ، وقبضت ضياعه ، فعاد إلى تلك الألف ألف دينار مع ما سواها من ذخائره وأعراضه وعقده ، فما ظنك برجل ذخيرته ألف ألف دينار ، سوى ما ذكر عن أبي بكر محمد بن عليّ المادرانيّ أنه قال : بعث إليّ أبو الجيش خمارويه أن أشتري له أردية وأقنعة للجواري ، وعمل دعوة خلا فيها بنفسه وبهم ، وغدوت متعرّفا لخبره ، فقيل له : إنه طرب لما هو فيه ، فنثر دنانير على الجواري والغلمان ، وتقدّم إليهم أنّ ما سقط من ذلك في البركة ، فهو لمحمد بن عليّ كاتبي ، فلما حضرت ، وبلغني ذلك أمرت الغلمان ، فنزلوا في البركة ، فأصعدوا إليّ منها سبعين ألف دينار ، فما ظنك بمال نثر على أناس فتطاير منه إلى بركة ماء هذا المبلغ.
وقال ابن سعيد في كتاب المعرب في حل المغرب : وفي الفسطاط دار تعرف بعبد العزيز يصب فيها لمن بها في كل يوم أربعمائة راوية ماء ، وحسبك من دار واحدة يحتاج أهلها في كل يوم إلى هذا القدر من الماء.
وقال ابن المتوّج في كتاب إيقاظ المتغفل واتعاظ المتأمّل عن ساحل مصر ، ورأيت من نقل عمن نقل عمن رأى الأسطال التي كانت بالطاقات المطلة على النيل ، وكان عددها ستة عشر ألف سطل مؤبدة ببكر ، وأطناب بها ترخى وتملأ. أخبرني بذلك من أثقل بنقله ، قال : وكان بالفسطاط في جهته الشرقية حمام من بناء الروم عامرة زمن أحمد بن طولون. قال الراوي : دخلتها في زمن خمارويه بن أحمد بن طولون ، وطلبت بها صانعا يخدمني ، فلم أجد فيها صانعا متفرّغا لخدمتي ، وقيل لي : إن كل صانع معه اثنان يخدمهم وثلاثة ، فسألت كم فيها من صانع؟ فأخبرت : أنّ بها سبعين صانعا قلّ من معه دون ثلاثة ، سوى من قضى حاجته ، وخرج قال : فخرجت ولم أدخله لعدم من يخدمني بها ، ثم طفت غيرها ، فلم أقدر على من أجده فارغا إلّا بعد أربع حمامات ، وكان الذي خدمني فيها نائبا ، فانظر رحمك الله