عجائب مصر ، وأما القالوص بالألف : فهي كلمة رومية ومعناها بالعربية : مرحبا بك ، ولعل الروم كانوا يصفقون لراكب هذا الجمل ، ويقولون هذه الكلمة على عاداتهم. وقال ابن المتوّج : والساحل القديم أوّله من باب مصر المذكور يعني المجاور للكبارة ، وإلى المعاريج جميعه كان بحرا يجري فيه ماء النيل ، وقيل : إنّ سوق المعاريج كان موردة سوق السمك يعني ما ذكره القضاعيّ من أنه كان يعرف بساحل البوريّ ، ثم عرف بالمعاريج الجديد.
قال ابن المتوّج (١) : ونقل أنّ بستان الجرف المقابل لبستان حوض ابن كيسان كان صناعة العمارة ، وأدركت أنا فيه بابها ، ورأيت زريبة من ركن المسجد المجاور للحوض من غربيه تتصل إلى قبالة مسجد العادل الذي بمراغة الدواب الآن.
قال مؤلفه رحمهالله : بستان الجرف يعرف بذلك إلى اليوم ، وهو على يمنة من سلك إلى مصر من طريق المراغة ، وهو جار في وقف الخانقاه التي تعرف بالواصلة بين الزقاقين ، وحوض ابن كيسان يعرف اليوم : بحوض الطواشي ، تجاه غيط الجرف المذكور ، يجاوره بستان ابن كيسان الذي صار صناعة ، وقد ذكر خبر هذه الصناعة عند ذكر مناظر الخلفاء ، ويعرف بستان ابن كيسان اليوم ببستان الطواشي أيضا ، وبين بستان الجرف ، وبستان الطواشي هذا مراغة مصر المسلوك منها إلى الكبارة ، وباب مصر.
قال ابن المتوّج : ورأيت من نقل عمن نقل عمن رأى هذا القلوص يتصل إلى آدر الساحل القديم ، وأنه شاهد ما عليه من العمائر المطلة على بحر النيل من الرباع والدور المطلة ، وعدّ الأسطال التي كانت بالطاقات المطلة على بحر النيل ، فكانت عدّتها ستة عشر ألف سطل مؤبدة ببكر مؤبدة فيها أطناب ترخى بها وتملأ أخبرني بذلك من أثق بنقله ، وقال : إنه أخبره به من يثق به متصلا بالمشاهد له الموثوق به ، قال : وباب مصر الآن بين البستان الذي قبليّ الجامع الجديد يعني بستان العالمة ، وبين كوم المشانيق يعني كوم الكبارة ، ورأيت السور يتصل به إلى دار النحاس ، وجميع ما بظاهره شون ، ولم يزل هذا السور القديم الذي هو قبليّ بستان العالمة موجودا أراه وأعرفه إلى أن اشترى أرضه من باب مصر إلى موقف المكارية بالخشابين القديمة الأمير حسام الدين طرنطاي المنصوري ، فأجّر مكانه للعامة ، وصار كل من استأجر قطعة هدم ما بها من البناء بالطوب اللبن ، وقلع الأساس الحجر ، وبنى به ، فزال السور المذكور ، ثم حدث الساحل الجديد.
قال مؤلفه رحمهالله : وهذا الباب الذي ذكره ابن المتوّج كان يقال له : باب الساحل ، وأوّل حفر ساحل مصر في سنة ست وثلاثين وثلثمائة ، وذلك أنه جف النيل عن برّ مصر
__________________
(١) ابن المتوج : تاج الدين محمد بن عبد الوهاب بن المتوج الزبيري صاحب كتاب (إيقاظ المتغفل واتعاظ المتوسل) في أخبار مصر وأحوالها وخططها. توفي سنة ٧٣٠ ه. صبح الأعشى ج ٧ / ١٨١.