وأما الجهة الشرقية من مصر : ففيها قلعة الجبل ، وقد أفردنا لها خبرا مستقلا يحتوي على فوائد كثيرة تضمنه هذا الكتاب فانظره ، ويتصل آخر قلعة الجبل بخط باب القرافة ، وهو من أطراف القطائع والعسكر ، ويلي خط باب القرافة الفضاء الذي كان يعرف بالعسكر ، وقد تقدّم ذكره ، وكان بأطراف العسكر مما يلي كوم الجارح.
الموقف (١) قال ابن وصيف شاه في أخبار الريان بن الوليد : وهو فرعون نبيّ الله يوسف صلوات الله عليه ، ودخل إلى البلد في أيامه غلام من أهل الشام احتال عليه إخوته وباعوه ، وكانت قوافل الشام تعرّس بناحية الموقف اليوم ، فأوقف الغلام ، ونودي عليه ، وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم ، فاشتراه أطفين العزيز ، ويقال : إنّ الذي أخرج يوسف من الجب : مالك بن دعر بن حجر بن جزيلة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرّة بن أدد بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال القضاعيّ : كان الموقف فضاء لأم عبد الله بن مسلمة بن مخلد ، فتصدّقت به على المسلمين ، فكان موقفا تباع فيه الدواب ، ثم ملك بعد وقد ذكرته في الظاهر يعني في خطط أهل الظاهر ، فإنّ الموقف من جملة خطط أهل الظاهر.
وقال ابن المتوّج : بقعة (خط الصفاء) هذا الخط دثر جميعه ، ولم يبق له أثر ، وهو قبليّ الفسطاط أوّله بجوار المصنع ، وخط الطحانين أدركته ، كان صفين طواحين متلاصقة متصلة من درب الصفاء إلى كوم الجارح ، وأدركت به جماعة من أكابر المصريين أكثرهم عدول ، وكان المار بين هذين الصفين لا يسمع حديث رفيقه إذا حدّثه لقوّة دوران الطواحين ، وكان من جملتها طاحون واحد فيه سبعة أحجار ، دثر جميع ذلك ، ولم يبق له أثر.
قال : وبقعة درب الصفاء هو الدرب الذي كان باب مصر ، وقيل : إنه كان بظاهره سوق يوسف عليهالسلام ، وكان بابا بمصراعين يعلوهما عقد كبير ، وهو بعتبة كبيرة سفلى من صوّان ، وكان بجوار المصنع الخراب الموجود الآن ، وكان حول المصنع عمد رخام بدائرة حاملة الساباط يعلوه مسجد معلق ، هدم ذلك جميعه في ولاية سيف الدين المعروف بابن سلار ، والي مصر في دولة الظاهر بيبرس ، وهذا الدرب يسلك منه إلى درب الصفاء ، والطحانين.
قال مؤلفه رحمهالله : كان هذا الباب المذكور أحد أبواب مدينة مصر ، وبابها الآخر من ناحية الساحل الذي موضعه اليوم باب مصر بجوار الكبارة ، وأنا أدركت آثار درب الصفاء المذكور والمصنع الخراب ، وكان يصب فيه الماء للسبيل ، وهو قريب من كوم
__________________
(١) الموقف : محلة بمصر ينسب إليها أبو جرير الموقفي المصري. معجم البلدان ج ٥ / ٢٢٦.