تسحر بالتفتير ألحاظه |
|
كأنّ من بابل شيطانها |
وكم شجت قلبي بها غادة |
|
قد كحلت بالغنج أجفانها |
إذا دعت صبا إلى حبها |
|
لا يستطيع الصب عصيانها |
وكم ليال لي بها قد مضت |
|
تسحب بالإعجاب أردانها |
وألهف نفسي كيف شطت بها |
|
حوادث قوّضن بنيانها |
فارقتها لا عن قلى صدّني |
|
عنها فراق الروح جسمانها |
واعتضت عن غزلانها والمها |
|
نعاج جيرون وثيرانها |
يا سائلي عن حالتي بعدها |
|
ها أنا ذا أذكر عنوانها |
ما حال من فارق أصحابه |
|
وفارق الدنيا وجيرانها |
تقلب فوق الجمر أحشاؤه |
|
تؤجج الأشواق نيرانها |
والعين لا تنفك من عبرة |
|
ترسل فوق الخدّ طوفانها |
يا سائق النوق يبث الثرى |
|
كمثل بث السحب تهتانها (١) |
حيّ ربا مصر وجناتها |
|
وحورها العين وولدانها |
ودورها الزهر وساحاتها |
|
وبين قصريها وميدانها |
وأرضها المخصب أرجاؤها |
|
ونيلها الزاهي وخلجانها |
والروضة الفيحاء تلك التي |
|
تجلو عن الأنفس أحزانها |
ومنية الشيرج لا تنسها |
|
وقرطها الأحوى وكتانها |
والتاج الخمس وجوه التي |
|
أضحت من الأعين إنسانها |
وحيّ يا برق وجد بالحيا |
|
جزيرة الفيل وغيطانها |
وبانها الغض ونسرينها |
|
ووردها البكر وريحانها |
وظلها الضافي وأزهارها |
|
وماءها الصافي وغدرانها |
والمعهد المأنوس من ربعها |
|
وحيّ أهليها وسكانها |
لم أنس لا أنسى اصطباحي بها |
|
ولا اغتباقاتي وإبانها |
ولا أويقات التصابي ولا |
|
تلك الخلاعات وأزمانها |
أيام لا انفك من صبوة |
|
أهوى اللذا ذات وإعلانها |
أخطر تيها في رياض الصبا |
|
مرنح الأعطاف كسلانها |
وخيل لهوي في ميادينها |
|
تجرجر الصبوة أرسانها |
ودوحتي ناضرة غضة |
|
تعطف ريح اللهو أغصانها |
حاشاي أن أنقض عهدا لها |
|
حاشاي أن أصبح خوّانها |
حاشاي أن أهجرها قاليا |
|
حاشاي أن أحدث سلوانها |
__________________
(١) تهتان : انصباب المطر أو هو فوق الهطل.