قال الشارح : أوّل القران العاشر في سنة خمس وثمانين وسبعمائة ، وفيه تكون حالات رديئة بأرض مصر ، وهذا يوافق ما في القول عن القاهرة ، وتخرب في سنة خمس وثمانين وسبعمائة ، يعني بداية انحطاطها من سنة خمس وثمانين وسبعمائة التي فيها القران العاشر ، ويثبت في عشرين سنة التي هي أيام القران ، وقد ذكر في الربع الآخر أربعمائة ، وإحدى وستين سنة ، وقد تخيلت أنها مدّة عمر القاهرة ، فإذا زدتها على تاريخ عمارتها بلغ ذلك ثمانمائة وتسع عشرة سنة ، وفي ذلك الوقت يكون زوالها ، وهو ما بين سنة ثمانين ، وسبعمائة إلى سنة تسع عشرة وثمانمائة ، ويكون ذلك سببه قحط عظيم ، وقلة خير ، وكثرة شرّ حتى تتخرّب ويضعف أهلها.
قال : قران زحل والمرّيخ في برج الجدي يكون في سنة سبعين وسبعمائة ، فتعدّ لكل مائة سنة من سني الهجرة ثلاث سنين ، فيكون ثلاثا وعشرين سنة تزيدها على سبعمائة وسبعين سنة تبلغ سبعمائة ، وثلاثا وتسعين سنة ، ففي مثلها من سني الهجرة يكون أوّل أوقات خراب القاهرة ، انتهى.
وتهذيب هذا القول : أنّ زحل كلما حلّ برج الجوزاء ،. اتضعت أحوال مصر ، وقلت أموالهم ، وكثر الغلاء والفناء عندهم ، بحسب الأوضاع الفلكية ، وزحل يحلّ في برج الجوزاء كل ثلاثين سنة شمسية ، فيقيم فيه نحوا من ثلاثين شهرا ، وأنت إذا اعتبرت أمور العالم وجدت الحال كما ذكرنا ، فإنه كلما حلّ زحل برج الجوزاء وقع الغلاء بمصر ، وذكر أنّ القران العاشر تتضع فيه أحوال القاهرة ، ورأينا الأمر كما ذكرنا ، فإنّ القران العاشر كان في سنة ست وثمانين وسبعمائة ، ومدّة سنينه عشرون سنة شمسية ، آخرها سابع عشر رجب سنة سبع وثمانمائة ، وفي هذه المدّة اتضع حال القاهرة وأهلها ، اتضاعا قبيحا ، ومن الأوقات المحذورة لها أيضا اقتران زحل والمريخ في برج السرطان ، ويكون ذلك في كل ثلاثين سنة شمسية ، ويقترنان في سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، وفي مدّته تنقضي الأربعمائة والإحدى والستون سنة التي ذكر أنها عمر القاهرة في سنة تسع عشرة وثمانمائة ، وشواهد الحال اليوم تصدّق ذلك لما عليه أهل القاهرة الآن من الفقر والفاقة ، وقلة المال وخراب الضياع والقرى ، وتداعى الدور للسقوط ، وشمول الخراب أكثر معمور القاهرة ، واختلاف أهل الدولة ، وقرب انقضاء مدّتهم وغلاء سائر الأسعار.
ولقد سمعت عمن يرجع إليه في مثل ذلك : أنّ العمارة تنتقل من القاهرة إلى بركة الحبش ، فيصير هناك مدينة ، والله تعالى أعلم.