في سور القاهرة قطعة مما يلي باب النصر ممتدّة إلى باب البرقية ، وإلى درب بطوط ، وإلى خارج باب الوزير ليتصل بسور قلعة الجبل ، فانقطع من مكان يقرب الآن من الصوّة تحت القلعة لموته ، وإلى الآن آثار الجد وظاهرة لمن تأمّلها فيما بين آخر السور إلى جهة القلعة ، وكذلك لم يتهيأ له أن يصل سور قلعة الجبل بسور مصر ، وجاء دور هذا السور المحيط بالقاهرة الآن تسعة وعشرين ألف ذراع وثلثمائة ذراع وذراعين بذراع العمل ، وهو الذراع الهاشميّ ، من ذلك ما بين قلعة المقس على شاطىء النيل ، والبرج بالكوم الأحمر بساحل مصر عشرة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع ، ومن قلعة المقس إلى حائط قلعة الجبل بمسجد سعد الدولة ثمانية آلاف وثلثمائة واثنان وتسعون ذراعا ، ومن جانب حائط قلعة الجبل من جهة مسجد سعد الدولة إلى البرج بالكوم الأحمر سبعة آلاف ، ومائتا ذراع ، ومن وراء القلعة بحيال مسجد سعد الدولة ثلاثة آلاف ، ومائتان وعشرة أذرع ، وذلك طول قوسه في أبراجه من النيل إلى النيل ، وقلعة المقس المذكور كانت برجا مطلا على النيل في شرقيّ جامع المقس ، ولم تزل إلى أن هدمها الوزير الصاحب شمس الدين عبد الله المقسيّ ، عندما جدّد الجامع المذكور في سنة سبعين وسبعمائة ، وجعل في مكان البرج المذكور جنينته ، وذكر أنه وجد في البرج مالا ، وأنه إنما جدّد الجامع منه ، والعامّة تقول اليوم جام المقسيّ بالإضافة وكان يحيط بسور القاهرة خندق شرع في حفره من باب الفتوح إلى المقس في المحرّم سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ، وكان أيضا من الجهة الشرقية خارج باب النصر إلى باب البرقية ، وما بعده ، وشاهدت آثار الخندق باقية ، ومن ورائه سور بأبراج له عرض كبير مبنيّ بالحجارة ، إلّا أنّ الخندق انطمّ ، وتهدّمت الأسوار التي كانت من ورائه ، وهذا السور هو الذي ذكره القاضي الفاضل في كتابه إلى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فقال : والله يحيي المولى حتى يستدير بالبلدين نطاقه ، ويمتدّ عليهما رواقه ، فما عقيلة ما كان معصمها ليترك بغير سوار ، ولا خصرها ليتحلى بغير منطقة تضار ، والآن قد استقرّت خواطر الناس ، وأمنوا به من يد تتخطف ، ومن يد مجرم يقدم ، ولا يتوقف.