ما حلي به الستر الذي أنشأه سيد الوزراء أبو محمد البازوري من الذهب أيضا ثلاثون ألف مثقال ، وإنه رصع بألف وخمسمائة وستين قطعة جوهر من سائر ألوانه ، وذكر أن في الشمسية الكبيرة ثلاثين ألف مثقال ذهبا ، وعشرين ألف درهم مخرّقة ، وثلاثة آلاف وستمائة قطعة جوهر من سائر ألوانه وأنواعه ، وأن في الشمسية التي لم تتمّ من الذهب سبعة عشر ألف مثقال.
وقال المرتضى أبو محمد عبد السلام بن محمد بن الحسن بن عبد السلام بن الطوير الفهريّ القيسرانيّ : الكاتب المصريّ في كتاب نزهة المقلتين في أخبار الدولتين الفاطمية والصلاحية ، الفصل العاشر في ذكر هيئتهم في الجلوس العام بمجلس الملك ، ولا يتعدّى ذلك يومي الاثنين والخميس ، ومن كان أقرب الناس إليهم ، ولهم خدم لا تخرج عنهم ، وينتظر لجلوس الخليفة أحد اليومين المذكورين ، وليس على التوالي بل على التفاريق ، فإذا تهيأ ذلك في يوم من هذه الأيام استدعى الوزير من داره صاحب الرسالة على الرسم المعتاد في سرعة الحركة ، فيركب في أبهته ، وجماعته على الترتيب المقدّم ذكره يعني في ذكر الركوب أوّل العام ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه من هذا الكتاب ، فيسير من مكان ترجله عن دابته بدهليز العمود إلى مقطع الوزارة ، وبين يديه أجلاء أهل الإمارة ، كل ذلك بقاعة الذهب التي كان يسكنها السلطان بالقصر ، وكان الجلوس قبل ذلك بالإيوان الكبير الذي هو خزائن السلاح في صدره على سير الملك ، وهو باق في مكانه إلى الآن من هذا المكان إلى آخر أيام المستعلي ، ثم إنّ الآمر نقل الجلوس في هذا المكان ، واسمه مكتوب بأعلى باذهنجه (١) إلى اليوم ، ويكون المجلس المذكور معلقا فيه ستور الديباج شتاء ، والدبيقيّ صيفا ، وفرش الشتاء بسط الحرير عوضا عن الصوف مطابقا لستور الديباج ، وفرش الصيف مطابقا لستور الديبقيّ ، ما بين طبري وطبرستاني مذهب معدوم المثل ، وفي صدره : المرتبة المؤهلة لجلوسه في هيئة جليلة على سرير الملك المغشى بالقرقوبيّ ، فيكون وجه الخليفة عليه قبالة وجوه الوقوف بين يديه ، فإذا تهيأ الجلوس استدعى الوزير من المقطع إلى باب المجلس المذكور ، وهو مغلق وعليه ستر ، فيقف بحذائه ، وعن يمينه زمام القصر ، وعن يساره زمام بيت المال ، فإذا انتصب الخليفة على المرتبة وضع أمين الملك مفلح أحد الأستاذين المحنكين (٢) الخواص الدواة مكانها من المرتبة ، وخرج من المقطع الذي يقال له فردا لكم ، فإذا الوزير واقف أمام باب المجلس ، وحواليه الأمراء المطوّقون أرباب الخدم
__________________
(١) الباذهنج : كلمة فارسية معناها : منفذ التهوية والإضاءة. يوجد عادة فوق أسطح العمائر وله أشكال مختلفة يسمح بدخول الشمس شتاء والنسيم صيفا. أخبار مصر لابن المأمون ص ٢٣٥.
(٢) الأستاذون : هم المعروفون بالخدام والطواشية وكان لهم في دولتهم المكانة الجليلة ومنهم كان أرباب الوظائف الخاصة بالخليفة وأجلّهم المحنكون وهم الذين يدورون عمائمهم على أحناكهم كما تفعل العرب والمغاربة. الألقاب الإسلامية.