وصارت علما من العلوم المدوّنة ، ثم اضمحلت الآن ، وذهبت بذهاب أهلها ، ولهذا يقال : إنّ أصل دعوة الإسماعيلية مأخوذ من القرامطة ، ونسبوا من أجلها إلى الإلحاد.
صفة العهد الذي يؤخذ على المدعوّ : وهو إنّ الداعي يقول لمن يأخذ عليه العهد ويحلفه : جعلت على نفسك عهد الله وميثاقه ، وذمّة رسوله ، وأنبيائه ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وما أخذه على النبيين من عقد ، وعهد ، وميثاق إنك تستر جميع ما تسمعه ، وسمعته ، وعلمته ، وتعلمه ، وعرفته ، ونعرفه من أمري ، وأمر المقيم بهذا البلد لصاحب الحق الإمام الذي عرّفت إقراري له ، ونصحي لمن عقد ذمّته ، وأمور إخوانه وأصحابه وولده ، وأهل بيته المطيعين له على هذا الدين ، ومخالصته له من الذكور والإناث ، والصغار والكبار ، فلا تظهر من ذلك شيئا قليلا ، ولا كثيرا ، ولا شيئا يدل عليه إلا ما أطلقت لك أن تتكلم به ، أو أطلقه لك صاحب الأمر المقيم بهذا البلد ، فتعمل في ذلك بأمرنا ولا تتعدّاه ، ولا تزيد عليه ، وليكن ما تعمل عليه قبل العهد ، وبعده بقولك ، وفعلك أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وتشهد أن الجنة حقّ ، وأن النار حقّ ، وأن الموت حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، وتقيم الصلاة لوقتها ، وتؤتي الزكاة لحقها ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت الحرام ، وتجاهد في سبيل الله حق جهاده على ما أمر الله به ورسوله ، وتوالي أولياء الله ، وتعادي أعداء الله ، وتقوم بفرائض الله وسننه ، وسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى آله الطاهرين ظاهرا وباطنا ، وعلانية سرّا وجهرا فإنّ ذلك يؤكد هذا العهد ، ولا يهدمه ، ويثبته ، ولا يزيله ، ويقرّ به ، ولا يباعده ، ويشدّه ، ولا يضعفه ، ويوجب ذلك ، ولا يبطله ويوضحه ، ولا يعميه ، كذلك هو الظاهر والباطن ، وسائر ما جاء به النبييون من ربهم صلوات الله عليهم أجمعين على الشرائط المبينة في هذا العهد ، جعلت على نفسك الوفاء بذلك ، قل : نعم ، فيقول المدعوّ : نعم.
ثم يقول الداعي له : والصيانة له بذلك ، وأداء الأمانة على أن لا تظهر شيئا أخذ عليك في هذا العهد في حياتنا ، ولا بعد وفاتنا لا في غضب ، ولا على حال رضى ، ولا على رغبة ، ولا في حال رهبة ، ولا عند شدّة ، ولا في حال رخاء ، ولا على طمع ، ولا على حرمان ، تلقي الله على الستر لذلك ، والصيانة له على الشرائط المبينة في هذا العهد ، وجعلت على نفسك عهد الله وميثاقه ، وذمّته وذمة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، أن تمنعني وجميع من أسميه لك ، وأثبته عندك مما تمنع منه نفسك ، وتنصح لنا ولوليك وليّ الله نصحا ظاهرا وباطنا ، فلا تخن الله ووليه ، ولا أحدا من إخواننا وأوليائنا ، ومن تعلم أنه منا بسبب في أهل ولا مال ، ولا رأي ، ولا عهد ، ولا عقد تتأوّل عليه بما يبطله ، فإن فعلت شيئا من ذلك ، وأنت تعلم أنك قد خالفته ، وأنت على ذكر منه فأنت بريء من الله خالق السماوات والأرض الذي سوّى خلقك ، وألف تركيبك ، وأحسن إليك في دينك ودنياك ، وآخرتك ، وتبرأ من رسله الأوّلين