اليوم ، فيقدمون أبدا مائتي طيفور من العالي والوسط والدون ، فيحملها الفرّاشون برقاع من كتاب الأدعية باسم صاحب ذلك الطيفور علا ، أو دنا ، وينزل اسم الفرّاش بالدعو ، أو عريفه حتى لا يضيع منها شيء ، ولا يختلط ، ولا يزال الفرّاشون يخرجون بالطيافير ملأى ويدخلون بها فارغة ، فبمقدار ما تحمل المائة الأولى عبيت المائة الثانية ، فلا يفتر ذلك طول التفرقة ، فأجل الطيافير ما عدد خشكنانه مائة حبة ، ثم إلى سبعين وخمسين ، ويكون على صاحب المائة طرحة فوق قوّارته ، ثم إلى خمسين ثم إلى ثلاث وثلاثين ، ثم إلى خمس وعشرين ، ثم إلى عشرين ، ونسبة منثور كل واحد على عدد خشكنانه ، ثم العبيد السودان بغير طيافير ، كل طائفة يتسلمه لها عرفاؤها في أفراد الخواص ، لكل طائفة على مقدارها الثلاثة الأفراد والخمسة والسبعة إلى العشرة فلا يزالون كذلك إلى أن ينقضي شهر رمضان ، ولا يفوت أحدا شيء من ذلك ويتهاداه الناس في جميع الإقليم.
قال : وما ينفق في دار الفطرة فيما يفرّق على الناس منها : سبعة آلاف دينار. وقال ابن عبد الظاهر : دار الفطرة بالقاهرة قبالة مشهد الإمام الحسين عليهالسلام ، وهي الفندق الذي بناه الأمير سيف الدين بهادر الآن في سنة : ست وخمسين وستمائة ، أوّل من رتبها الإمام العزيز بالله ، وهو أوّل من سنّها ، وكانت الفطرة قبل أن ينتقل الأفضل إلى مصر تعمل بالإيوان ، وتفرّق منه ، وعند ما تحوّل إلى مصر نقل الدواوين من القصر إليها ، واستجدّ لها مكانا قبالة دار الملك بإيواني المكاتبات ، والانشاء ، فإنهما كانا بقرب الدار ويتوصل إليهما من القاعة الكبرى التي فيها جلوسه ، ثم استجدّ للفطرة دارا عملت بعد ذلك وراقة ، وهي الآن دار الأمير عز الدين الأفرم بمصر قبالة : دار الوكالة ، وعملت بها الفطرة مدّة ، وفرّق منها إلّا ما يخص الخليفة والجهات والسيدات والمستخدمات ، والأستاذين ، فإنه كان يعمل بالإيوان على العادة.
ولما توفي الأفضل ، وعادت الدواوين إلى مواضعها أنهى : خاصة الدولة ريحان ، وكان يتولى بيت المال ، إنّ المكان بالإيان يضيق بالفطرة ، فأمره المأمون أن يجمع المهندسين ، ويقطع قطعة من اصطبل الطارمة ، يبنيه دار الفطرة ، فأنشأ الدار المذكورة قبالة مشهد الحسين ، والباب الذي بمشهد الحسين يعرف : بباب الديلم ، وصار يعمل بها ما استجدّ من رسوم المواليد والوقودات ، وعقد لها جملتان إحداهما : وجدت فسطرت ، وهي عشرة آلاف دينار خارجا عن جواري المستخدمين ، والجملة الثانية : فصلت فيها الأصناف ، وشرحها : دقيق ألف حملة ، سكر : سبعمائة قنطار ، قلب فستق : ستة قناطير ، قلب لوز: ثمانية قناطير ، قلب بندق : أربعة قناطير ، تمر : أربعمائة إردب ، زبيب : ثلثمائة أردب ، خل : ثلاثة قناطير ، عسل نحل : خمسة عشر قنطارا ، شيرج : مائتا قنطار ، حطب : ألف ومائتا حملة ، سمسم أردبان ، آنيسون أردبان ، زيت طيب برسم الوقود ثلاثون قنطارا ، ماء ورد خمسون رطلا ، مسك خمس نوافج ، كافور قديم عشرة مثاقيل ، زعفران مطحون مائة