حسين بن شيخ الشيوخ بن حمويه ، وردّ إليه أمر هذا المشهد بعد إخوته ، جمع من أوقاته ما بنى به إيوان التدريس الآن ، وبيوت الفقهاء العلوية خاصة ، واحترق هذا المشهد في الأيام الصالحية في سنة بضع وأربعين وستمائة ، وكان الأمير جمال الدين بن يعمور نائبا عن الملك الصالح في القاهرة ، وسببه أن أحد خزان الشمع دخل ليأخذ شيئا ، فسقطت منه شعلة ، فوقف الأمير جمال الدين المذكور بنفسه حتى طفىء وأنشدته حينئذ فقلت :
قالوا تعصب للحسين ولم يزل |
|
بالنفس للهول المخوف معرّضا |
حتى انضوى ضوء الحرق وأصبح ال |
|
مسودّ من تلك المخاوف أبيضا |
أرضى الإله بما أتى فكأنه |
|
بين الأنام بفعله موسى الرضى |
قال : ولحفظة الآثار ، وأصحاب الحديث ، ونقلة الأخبار ما إذا طولع وقف منه على المسطور ، وعلم منه ما هو غير المشهور ، وإنما هذه البركات مشاهدة مرئية ، وهي بصحة الدعوى ملية ، والعمل بالنية.
وقال في كتاب الدر النظيم في أوصاف القاضي الفاضل عبد الرحيم ، ومن جملة مبانيه الميضأة قريب مشهد الإمام الحسين بالقاهرة والمسجد والساقية ، ووقف عليها أراضي قريب الخندق في ظاهر القاهرة ، ووقفها دارّ جار ، والانتفاع بهذه المثوبة عظيم ، ولما هدم المكان الذي بنى موضعه مئذنة وجد فيه شيء من طلسم لم يعلم لأيّ شيء هو ، فيه اسم الظاهر بن الحاكم ، واسم أمّه رصد.
خبر الحسين : هو الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، واسمه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ ، أبو عبد الله ، وأمّه فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع ، وقيل : سنة ثلاث ، وعق عنه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يوم سابعه بكبش ، وحلق رأسه ، وأمر أن يتصدّق بزنته فضة ، وقال : أروني ابني ما سميتموه؟ فقال عليّ بن أبي طالب : حربا ، فقال : بل هو حسين وكان أشبه الناس بالنبيّصلىاللهعليهوسلم ما كان أسفل من صدره ، وكان فاضلا دينا كثير الصوم والصلاة والحج ، وقتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرّم يوم عاشوراء ، سنة إحدى وستين من الهجرة بموضع يقال له : كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة ، ويعرف الموضع أيضا : بالطف ، قتله سنان بن أنس اليحصبي (١) ، وقيل : قتله رجل من مذحج ، وقيل : قتله شمر بن ذي الجوشن ، وكان أبرص ، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحيّ من حمير ، حزّ رأسه ، وأتى عبيد الله بن زياد ، وقال :
أوقر ركابي فضة وذهبا |
|
إني قتلت الملك المحجبا |
__________________
(١) في الكامل لابن الأثير : سنان بن أنس النخعي. ج ٣.