قتلت خير الناس أمّا وأبا |
|
وخيرهم إذ ينسبون نسبا |
وقيل : قتله عمرو بن سعد بن أبي وقاص ، وكان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتل الحسين ، وأمّر عليهم : عمرو بن سعد ، ووعده أن يوليه الريّ إن ظفر بالحسين وقتله.
وقال ابن عباس رضياللهعنهما : رأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيما يرى النائم نصف النهار ، وهو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي ما هذا؟ قال : هذا دم الحسين لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فوجدته قد قتل في ذلك اليوم ، وهذا البيت زعموا قديما لا يدرى قائله :
أترجو أمّه قتلت حسينا |
|
شفاعة جدّه يوم الحساب |
وقتل مع الحسين : سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة ، وقد قتل معه من أهل بيته ، وإخوته ثلاثة وعشرون رجلا. وكان سبب قتله أنه لما مات معاوية بن أبي سفيان رضياللهعنه في سنة ستين ، وردت بيعة اليزيد على الوليد بن عقبة بالمدينة ، ليأخذ البيعة على أهلها ، فأرسل إلى الحسين بن عليّ ، وإلى عبد الله بن الزبير ليلا فأتى بهما ، فقال : بايعا ، فقالا : مثلنا لا يبايع سرّا ، ولكنا نبايع على رؤوس الناس إذا أصبحنا ، فرجعا إلى بيوتهما ، وخرجا من ليلهما إلى مكة ، وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب ، فأقام الحسين بمكة شعبان ورمضان وشوّالا وذو القعدة ، وخرج يوم التروية يريد الكوفة ، وبكتب أهل العراق.
فلما بلغ عبيد الله بن زياد مسير الحسين من مكة بعث الحصين بن تميم (١) التميمي صاحب شرطته ، فنزل القادسية ، ونظم الخيل ما بينها ، وبين جبل لعلع ، فبلغ الحسين الحاجز له عن البلاد فكتب إلى أهل الكوفة ، يعرّفهم بقدومه مع قيس بن مسهر ، فظفر به الحصين ، وبعث به إلى ابن زياد فقتله ، وأقبل الحسين يسير نحو الكوفة ، فأتاه خبر قتل مسلم بن عقيل ، وخبر قتل أخيه من الرضاعة (٢) ، فقام حتى أعلم الناس بذلك وقال : قد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب أن يتصرف ، فليتصرف ، فليس عليه ذمام منا فتفرّقوا ، حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة وسار ، فأدركته الخيل ، وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميميّ.
ونزل الحسين ، فوقفوا تجاهه وذلك في نحر الظهيرة ، فسقى الحسين الخيل ، وحضرت صلاة الظهر ، فأذن مؤذنه وخرج ، فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، إنها
__________________
(١) في الكامل لابن الأثير : الحصين بن نمير التميمي. ج ٣.
(٢) أخوه من الرضاعة هو : عبد الله بن بقطر. كان الحسين أرسله من الطريق رسولا إلى ابن عمه مسلم بن عقيل. الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٣.