وخرج إليه الأمير الثقة متولي الرسالة ، وزمام القصور ، فعند حضوره وقف له أولاد المأمون ، وأخواه فطلع عند خروجه قبالة المرتبة ، وقال أمير المؤمنين يردّ على السيد الأجل المأمون السلام ، فوقف عند ذلك المأمون ، وقبل الأرض ، وعاد فجلس مكانه ، وتأخر الأمير إلى أن نزل من المصطبة ، وقبل الأرض ، وقبل يد المأمون ، ودخل من فوره من الباب ، وأغلق الباب على حاله على ما كان عليه الأفضل ، وكان الأفضل يقول : ما أزال أعدّ نفسي سلطانا حتى أجلس على تلك المرتبة ، والباب يغلق في وجهي والدخان في أنفي ، فإن الحمام كانت من حلف الباب في السرداب ، ثم فتح الباب ، وعاد الثقة ، وأشار بالدخول إلى القصر فدخل إلى المكان الذي هيئ له ، وعاد لمجلس الوزارة ، وبقي الأمراء بالدهاليز إلى أن جلس الخليفة.
واستفتح القرّاء ، واستدعى المأمون ، فحضر بين يديه وسلم عليه أولاده ، وإخوته وأحلّ الأمراء على قدر طبقاتهم ، أوّلهم : أرباب الأطواق ، ويليهم أرباب العماريات ، والأقصاب ، ثم الضيوف والأشراف ، ثم دخل ديوان المكاتبات وسلم بهم الشيخ أبو الحسن ابن أبي أسامة ، ثم ديوان الإنشاء ، وسلم بهم الشريف ابن أنس الدولة ، ثم بقية الطالبيين من الأشراف ، ثم سلم القاضي ابن الرسعنيّ بشهوده والداعي ابن عبد الحق بالمؤمنين ، ثم سلم القائد مقبل مقدّم الركاب الآمري ، بجميع المقدّمين الآمرية ، ثم سلم بعدهم الشيخ أبو البركات بن أبي الليث متولي ديوان المملكة ثم دخل الأجناد من باب البحر ، وسلم كل طائفة بمقدّمها ، فلما انقضى ذلك دخل والي القاهرة ، ووالي مصر وسلم كل منهما ببياض أهل البلدين.
ثمّ دخل البطرك بالنصارى ، وفيهم كتاب الدولة من النصارى ، ورئيس اليهود ، ومعه الكتاب من اليهود ، ثم سلم المقربون ، وقد قارب القصر ، ودخل الشعراء على طبقاتهم ، وأنشد كل منهم ما سمحت به قريحته.
قال : فكان هذا رتبة الوزير المأمون ، قال ابن المأمون : وأما ما قرّر للوزارة عينا في الشهر بغير إيجاب بل يقبض من بيت المال ، فهو ثلاثة آلاف دينار. تفصيلها : ما هو على حكم النيابة في العلامة : ألف دينار ، وما هو على حكم الراتب : ألف وخمسمائة دينار ، وما هو عن مائة غلام برسم مجلسه ، وخدمته لكل غلام : خمسة دنانير في الشهر ، فأما الغلمان الركابية ، وغيرهم من الفرّاشين والطباخين ، فعلى حكم ما يرغب في إثباته ، وفي السنة من الإقطاعات : خمسون ألف دينار منها : دهشور ، وجزيرة الذهب ، وبقية الجملة صفقات ، ومن البساتين ثلاثة : بستان لأمير تميم ، وبستانان بكوم أشفين.
ومن القوت يعني القمح ، ومن القضم يعني الشهير والبرسيم في السنة : عشرون ألف إردب قمحا وشعيرا ، ومن الغنم برسم مطابخه ، ساقه من المراحات ثمانية آلاف رأس ، وأما