ركوبه ، وما يجنب في موكبه مائة سرج ، منها سبعون على سبعين حصانا ، ومنها ثلاثون على ثلاثين بغلة كل مركب مصوغ من ذهب أو من ذهب وفضة ، أو من ذهب منزل فيه المينا ، أو من فضة منزلة بالمينا ، وروادفها وقرابيسها من نسبتها ، ومنها ما هو مرصع بالجواهر الفائقة ، وفي أعناقها الأطواق الذهب ، وقلائد العنبر ، وربما يكون في أيدي وأرجل أكثرها خلاخل مسطوحة دائرة عليها ، ومكان الجلد من السروج الديباج الأحمر والأصفر ، وغيرهما من الألوان والسقلاطون المنقوش بألوان الحرير ، قيمة كل دابة ، وما عليها من العدّة ألف دينار ، فيشرّف الوزير من هذه بعشرة حصن لركوبه وأولاده وإخوته ، ومن يعز عليه من أقاربه ، ويسلم ذلك لعرفاء الاصطبلات بالعرض عليهم من الجرائد التي هي ثابتة فيها بعلاماتها في أماكنها ، وأعدادها ، وعدد كل مركب منقوش عليه مثل : أوّل وثان وثالث إلى آخرها كما هو مسطور في الجرائد ، فيعرف بذلك قطعة قطعة ، ويسلمها العرفاء للشدّادين بضمان عرفائهم إلى أن تعود ، وعليهم غرامة ما نقص منها ، وإعادتها برمّتها.
ثم يخرج من الخزائن المذكورة لأرباب الدواوين المرتبين في الخدم على مقاديرهم مركبات أيضا من الحليّ دون ما تقدّم ذكره ، وما تقرب عدّته من ثلثمائة مركب على خيل وبغلات ، وبغال يتسلمها العرفاء المتقدّم ذكرهم على الوجه المذكور ، وينتدب حاجب يحضر على التفرقة لفلان ، وفلان من أرباب الخدم سيفا وقلما ، فيعرّف كل شدّاد صاحبه ، فيحضر إليه بالقاهرة ومصر سحر يوم الركوب ، ولهم من الركاب رسوم من دينار إلى نصف دينار إلى ثلث دينار ، فإذا تكمل هذا الأمر ، وسلم أيضا الجمالون بالمناخات أغشية العماريات ، ويكون إراحة في ذلك كله إلى آخر الثامن والعشرين من ذي الحجة ، وأصبح اليوم التاسع والعشرون من سلخه على رأي القوم ، عزم الخليفة على الجلوس في الشباك لعرض دوابه الخاص المقدّم ذكرها ، ويقال له : يوم عرض الخيل ، فيستدعي الوزير بصاحب الرسالة ، وهو من كبار الأستاذين المحنكين ، وفصحائهم وعقلائهم ومحصليهم ، فيمضي إلى استدعائه في هيئة المسرعين على حصان دهراج (١) امتثالا لأمر الخليفة بالإسراع على خلاف حركته المعتادة ، فإذا عاد مثل بين يدي الخليفة ، وأعلمه باستدعائه الوزير ، فيخرج راكبا من مكانه في القصر ولا يركب أحد في القصر إلّا الخليفة ، وينزل في السدلا (٢) بدهليز باب الملك الذي فيه الشباك ، وعليه من ظاهره للناس ستر ، فيقف من جانبه الأيمن زمام القصر (٣) ، ومن جانبه الأيسر صاحب بيت المال ، وهما من الأستاذين المحنكين فيركب
__________________
(١) حصان دهراج : سريع السير.
(٢) السّدلا : مشتق من فعل سدل ولعله مكان يجلس فيه الخليفة لمشاهدة العرض ويكون قبل العرض محجوبا عن الناس بستارة مسدلة. (محمد رمزي).
(٣) زمام القصر : من وظائف الأستاذين المحنكين وهو الذي يتولى إدارة خدم القصر والإشراف على أعمالهم. (صبح الأعشى ٣ / ٤٨١).