وذكر ابن المأمون : أن غلّات الوجه القبليّ ، كانت تحمل إلى الأهراء ، وأما الأعمال البحرية ، والبحيرة والجزيرتان والغربية والكفور ، والأعمال الشرقية ، فيحمل منها اليسير ، ويحمل باقيها إلى الإسكندرية ، ودمياط وتنيس ليسير إلى ثغر عسقلان ، وثغر صور ، وإنه كان يسير إليهما في كل سنة مائة وعشرون ألف أردب ، منها العسقلان خمسون ألفا ، ولصور : سبعون ألفا ، فيصير هناك ذخيرة ، ويباع منها عند الغنى عنها.
قال : وكان متحصل الديوان في كل سنة ألف ألف أردب.
وذكر جامع السيرة البازورية : أن المتجر كان يقام به للديوان من الغلة ، وأن الوزير أبا محمد البازوريّ قال للخليفة المستنصر : وهو يومئذ يتقلّد وظيفة قاضي القضاة ، وقد قصر النيل في سنة أربع وأربعين وأربعمائة ولم يكن بالمخازن السلطانية غلال ، فاشتدّت المسغبة بأمير المؤمنين : إنّ المتجر الذي يقام بالغلة فيه أو في مضرّة على المسلمين ، وربما أقحط السعر من مشتراها ، ولا يمكن بيعها ، فتتغير في المخازن وتتلف ، وإنه يقام متجر لا كلفة فيه على الناس ، ويفيد أضعاف فائدة الغلة ، ولا يخشى عليه من تغير في المخازن ، ولا انحطاط سعر ، وهو الصابون والخشب والحديد ، والرصاص ، والعسل ، وما أشبه ذلك ، فأمضى الخليفة ما رآه ، واستمرّ ذلك ودام الرخاء على الناس وتوسعوا.