للجوامع والمساجد توسعة في الزيت برسم الوقود ، ويتقدّم إلى متولي بيت المال بأن يهتمّ برسم هذه الليالي من أصناف الحلاوات مما يجب برسم القصور ، ودار الوزارة خاصة.
وقال في سنة سبع عشرة وخمسمائة : وفي الليلة التي صبيحتها مستهل رجب ، حضر القاضي أبو الحجاب يوسف بن أيوب المغربيّ ، ووقع له بما استجدّ إطلاقه في العام الماضي ، وهو خمسون دينارا من بيت المال ، لابتياع الشمع برسم أوّل ليلة من رجب ، واستدعى ما هو برسم التعبيتين ، إحداهما : للمقصورة ، والأخرى : للدار المأمونية بحكم الصيام من مستهل رجب إلى سلخ رمضان ما يصنع في دار الفطرة خشكنانج صغير وبسندود في كل يوم قنطار سكر ومثقالان مسكا ، وديناران مؤنة.
وكان يطلق في أربع ليالي الوقود برسم الجوامع الستة : الأزهر والأقمر والأنور بالقاهرة ، والطولونيّ ، والعتيق بمصر ، وجامع القرافة ، والمشاهد التي تضمنت الأعضاء الشريفة ، وبعض المساجد التي لأربابها وجاهة جملة كبيرة من الزيت الطيب ، ويختص بجامع راشدة ، وجامع ساحل الغلة بمصر والجامع بالمقس يسير قال : ولقد حدّثني القاضي المكين بن حيدرة ، وهو من أعيان الشهود أنّ من جملة الخدم التي كانت بيده مشارفة الجامع العتيق ، وأن القومة بأجمعهم كانوا يجتمعون قبل ليلة الوقود بمدّة إلى أن يكملوا ثمانية عشر ألف فتيلة ، وأنّ المطلق برسمه خاصة في كل ليلة برسم وقوده : أحد عشر قنطارا ونصف قنطار زيت طيب. وذكر ركوب القاضي والشهود في الليلة المذكورة على جاري العادة.
قال : وتوجه الوزير المأمون يوم الجمعة ثاني الشهر بموكبه إلى مشهد السيدة نفيسة ، وما بعده من المشاهد ، ثم إلى جامع القرافة ، وبعده إلى الجامع العتيق بمصر ، وقد عمّ معروفه جميع الضعفاء ، وقومة المساجد والمشاهد ، وصلى الجمعة وعند انقضاء الصلاة ، احضر إليه الشريف الخطيب المصحف الذي بخط أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه ، فوقع بإطلاق ألف دينار من ماله ، وأن يصاغ عليه فوق حلية الفضة حلية ذهب ، وكتب عليه اسمه ، وفي الخامس عشر من الشهر المذكور ليلة الوقود جرى الحال في ركوب القاضي ، وشهوده على الترتيب الذي تقدّم في أوّل الشهر ، ولما وصل إلى الجامع وجده قد عبىء في الرواق الذي عن يمين الخارج منه سماط كعك ، وخشكنانج ، وحلوى ، فجلس عليه بشهود ، ونهبه الفقراء ، والمساكين ، وتوجه بعده إلى ما سواه من جامع القرافة وغيره ، فوجد في رواق الجامع المذكور سماطا مثل السماط المذكور ، فاعتمد فيه على ما ذكره ، وله أيضا رسم صدقة في هذا النصف للفقراء ، وأهل الربط ، مما يفرّقه القاضي عشرة دنانير يفرّقها القاضي.
وقال ابن الطوير : إذا مضى النصف من جمادى الآخرة ، وكان عدده عندهم تسعة