بالطيلسان (١) المقوّر ، ويندب له من التغييرات ، ولمن يريده خمس تغييرات مركبات بالحلي ، ويحمل أمامه على أربع بغال مع أربعة من مستخدمي بيت المال ، أربعة أكياس في كل كيس خمسمائة درهم ظاهرة في أكفهم وبصحبته أقاربه ، وبنو عمه وأصدقاؤه ، ويندب له الطبل والبوق ، ويكتنف به عدّة كثيرة من المتصرّفين الرجالة ، فيخرج من باب العيد ، ويركب إحدى التغييرات ، وهي أميزها ، وشرّف أمامه بجملين من النقارات التي قدّمنا ذكرها يعني في ركوب أوّل العام من زيّ الموكب ، فيسير شاقا القاهرة ، والأبواق تضرب أمامه كبارا وصغارا ، والبطل وراءه مثل الأمراء ، وينزل على كل باب يدخل منه الخليفة ، ويخرج من باب القصر فيقبله ويركب.
وهكذا يعمل كل من يخلع عليه من كبير ، وصغير من الأمراء المطوّقين إلى من دونهم سيفا وقلما ، ويخرج من باب زويلة طالبا مصر من الشارع الأعظم إلى مسجد عبد الله إلى دار الأنماط (٢) ، جائزا على الجامع إلى شاطىء البحر ، فيعدّي إلى المقياس بخلعه ، وأكياسه ، وهذه الأكياس معدّة لأرباب الرسوم عليه في خلعه ولنفسه ، ولبني عمه بتقرير من أوّل الزمان ، فإذا انقضى هذا الشأن ، شرع في الركوب إلى فتح الخليج ثاني يوم ، وقد كان وقع الاهتمام به ، منذ دخلت زيادة النيل ذراع الوفاء اهتماما عظيما ، فيعمل في بيت المال من التماثيل شكل الوحوش من الغزلان ، والسباع ، والفيلة ، والزرافات : عدّة وافرة ، منها ما هو ملبس بالعنبر ، ومنها ما هو ملبس بالصندل ، ثم شكل التفاح ، والأترج اللطيف ، والوحوش مفسرة الأعين والأعضاء بالذهب إلى غير ذلك.
ثم تخرج الخيمة التي يقال لها القاتول لأنّ فرّاشا سقط من أعلى عمودها فمات ، فسميت بلك ، وطوله سبعون ذراعا ، وأعلاه صفرية فضة تسع راوية ماء ، وعليه الفلكة التي كانت في الإيوان إلى قريب الوقت ، ثم يعمل في أوّل العمود شقة دائرة ، ثم أوسع منها ، ويتوالى ذلك إلى إحدى عشرة شقة ، فتصير سعة الخيمة ، ما يزيد على فدّانين مستديرة ، وتنصب في برّ الخليج الغربيّ على حافته مكان بستان الحليّ اليوم ، وكانت ثمّ منظرة يقال لها السكرة برسم جلوس الخليفة لفتح الخليج في مثل هذا اليوم ، وينصب أرباب الرتب من الأمراء من بحريّ تلك لخيمة الكبرى خياما كثيرة ، ويتمايزون فيها على قدر هممهم وضربهم إياها في الأماكن الأقرب فالأقرب على قدر رتبهم ، فإذا تمّ ذلك وعزم الخليفة على الركوب ثالث يوم التخليق أو رابعه أخرج كل من المستخدمين في المواضع المقدّم ذكرها في ركوب أوّل العام : آلات الموكب على عادته ، ويزاد فيه إخراج أربعين بوقا عشرة من الذهب ،
__________________
(١) الطيلسان : كساء مدور أخضر لا أسفل له. معرب وهو على نحو الطرحة يلبسها الوزراء وقضاة القضاة.
صبح الأعشى ج ١ / ٤٨٧.
(٢) دار الأنماط : وتعرف بدار الحصر. كانت خطة أبي ذر جندب بن جنادة الأنصاري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند فتح مصر ثم آلت لعبد العزيز بن مروان فوهبها لابنه سهيل. ابن دقماق ج ٤ / ٢٧.