ما أمر به في مستقبل السنين من الكبس ، حتى يصير العدل عامّا في الزمان كله باقيا على غابر الدهر ، ومرّ الأيام مؤامرة أمير المؤمنين ، فأمر بتسجيلها لك في آخر كتابه مع ما وقع به فيها لتمثيله ، فافعل ذلك إن شاء الله تعالى والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وكتب يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين ومائتين.
نسخة المؤامرة أنهيت إلى أمير المؤمنين أن مما أنعم الله به على رعيته ، ورزقها إياه من رأفته ، وحسن نظره ، وإقامته عليها من عدله ، وإنصافه ورفعه عنها في خلافته من الظلم الشامل ما كان الأقصى والأدنى ، والصغير والكبير ، والمسلم والذميّ فيه سواء ما حرّرته من نقل كتب الخراج عن السنة التي كانت تنسب إليها من سني الهجرة إلى السنة التي فيها تدرك الغلات ، ويستخرج المال ، وإن ذلك ما كان بعض أهل الجهل حاوله ، وبعض المتغلبين استعمله من تثبيت الخراج على أهله ، ومطالبتهم به قبل وقت الزراعة ، وإعيائهم بذكر سنة من السنتين اللتين ينسب الخراج لإحداهما ، وتدرك الغلات ، ويقع الاستخراج في الأخرى منهما في حساب شهور الفرس التي عليها يجري العمل في الخراج بالسواد ، وما يليه ، والأهواز وفارس والجبل ، وما يتصل به من جميع نواحي المشرق ، وما يضاف إليه إذا كان عمل الشأم والجزيرة والموصل ، جرى على حساب شهور الروم الموافقة للأزمنة ، فليست تختلف أوقاتها مع الكبيسة المستعملة فيها ، والعمل في خراج مصر ، وما والاها على شهور القبط الموافقة لشهور الروم ، وكانت من شهور الفرس قد خالفت موافقها من الزمان بما ترك من الكبس منذ أزال الله ملك فارس ، وفتح للمسلمين بلادهم ، فصار النوروز الذي كان الخراج يفتتح فيه بالعراق والمشرق قد تقدّم في ترك الكبس شهرين وصارا بينه وبين إدراك الغلة ، فأمر أمير المؤمنين بما جبل الله عليه رأيه في التوصل إلى كل ما عاد بصلاح رعيته.
وحسما للأسباب المؤدّية إلى إعيائها بتأخير النوروز الذي يقع في شهور سنة اثنتين وثمانين ومائتين من سني الهجرة عن الوقت الذي يتفق فيه أيام سنة الفرس ، وهو يوم الجمعة لإحدى عشر تخلو من صفر مثل عدّة أيام الشهرين من شهور الفرس التي ترك كبسها ، وهي ستون يوما ، حتى يكون نوروز السنة واقعا يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة تخلو من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائتين ، وهو الحادي عشر من حزيران ، وهو يتصل بهما ، ويجري مجراهما ، وينسب ويضاف إليهما ، وبسائر أعمالهم ، وبما يعمله أصحاب الحساب من التقويمات وجميع الأعمال ، وما يعدّه الفرس من شهورهم إلى شهوره الكبيسة الأول والأخر ، ثم يكبس بعد ذلك في كل أربع سنين من سني الفرس ، ولا يقع تفاوت بينه وبينها على مرور الأيام ، وليكن أبدا واقعا في حزيران ، وغير خارج عنه ، وأن يلغي ذكر كل سنة من أربع سنين تنسب إلى الخراج بالعراق ، وفي المشرق والمغرب ، وسائر النواحي والآفاق إذ كان مقدار سني أيام الهجرة ، والسنة الجامعة للأزمنة التي تتكامل فيها الغلات ، وأن يخرج التوقيع بذلك لتنشأ الكتب به من ديوان الرسائل إلى ولاة المعاون والأحكام ،