قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس (١) ومصيل (٢) وبلهيت (٣) ، فإنه كان للروم جمع ، فظاهروا الروم على المسلمين ، فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها ، وقالوا : هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية ، فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، فكتب إليه عمر : أن يجعل الإسكندرية ، وهؤلاء الثلاث قريات ذمّة للمسلمين ، ويضربون عليهم الخراج ، ويكون خراجهم ، وما صالح عليه القبط كله قوّة للمسلمين لا يجعلون فيئا ، ولا عبيدا ، ففعلوا ذلك إلى اليوم.
وقال آخرون : بل فتحت مصر عنوة بلا عهد ، ولا عقد. قال سفيان بن وهب الخولانيّ : لما افتتحنا مصر بغير عهد ، ولا عقد ، قام الزبير بن العوّام فقال : اقسمها يا عمرو بن العاص ، فقال عمرو : والله لا أقسمها ، فقال الزبير : والله لنقسمنها ، كما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر ، فقال عمرو : والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين ، فكتب إلى عمر ، فكتب إليه عمر : أقرّها حتى يغزو منها حبل الحبلة ، وصولح الزبير على شيء أرضي به ، وقال ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة : إنّ مصر فتحت عنوة ، وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال : سمعت أشياخنا يقولون : إنّ مصر فتحت عنوة بغير عهد ، ولا عقد منهم ، أبي يحدّثنا عن أبيه ، وكان فيمن شهد فتح مصر ، وعن أبي الأسود عن عروة : إنّ مصر فتحت عنوة ، وعن عمرو بن العاص أنه قال : لقد قعدت مقعدي هذا ، وما لأحد من قبط مصر عليّ عهد ، ولا عقد إلّا أهل أنطابلس (٤) كان لهم عهد يوفي به إن شئت قبلت ، وإن شئت خمست ، وإن شئت بعت. وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن : أنّ عمرو بن العاص فتح مصر بغير عهد ، ولا عقد ، وأنّ عمر بن الخطاب رضياللهعنه حبس درها وضرعها أن يخرج منه شيء نظرا للإسلام وأهله.
وعن يزيد بن أسلم قال : كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده ، فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد ، فمن أسلم منهم أقامه ومن أقام منهم قوّمه ، وكتب حيان بن شريح إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم ، فسأل عمر عراك بن مالك ، فقال عراك : ما سمعت لهم بعهد ولا عقد ، وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد ، فكتب عمر إلى حيّان : أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم ، وقال يحيى بن عبد الله بن بكير : خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة ، فاحتاج إلى رجل يجذف ، فسخر رجلا من القبط ، فكلم في
__________________
(١) سلطيس : من قرى مصر القديمة. معجم البلدان ج ٣ / ٢٣٦.
(٢) مصيل : من قرى مصر كان أهلها ممن أعان على عمرو بن العاص فسباهم وحملهم إلى المدينة. معجم البلدان ج ٥ / ١٤٥.
(٣) بلهيت : في معجم البلدان : بلهيب من قرى مصر. ج ١ / ٤٩٢.
(٤) أنطابلس : معناه بالرومية خمس مدن وهي مدينة بين الإسكندرية وبرقة. معجم البلدان ج ١ / ٢٦٦.