ومضى من الطوفان إلى سنة الهجرة المحمدية ثلاثة آلاف وسبعمائة وثلاث وعشرون سنة ، وأربعة أشهر وأيام.
وبقي من سني العالم حتى يبتدئ ويفنى مائة ألف وبضع وسبعون ألف سنة شمسية ، أوّلها تاريخ الهجرة الذي يؤرخ به أهل الإسلام.
وقال أصحاب الأزجهير : مدّة العالم التي تجتمع فيها الكواكب برأس الحمل هي وأوجاتها وجوزهراتها : جزء من ألف جزء من مدّة : السند هند ، وهذا أيضا منتزع من قول البراهمة.
وقال أبو معشر ، وابن بو بخت : إنّ بعض الفرس يرى أنّ عمر الدنيا اثنا عشر ألف سنة بعدّة البروج ، لكل برج ألف سنة ، فكان ابتداء أمر الدنيا في أوّل ألف الحمل ، لأنّ الحمل والثور والجوزاء تسمى : أشرف الشرف ، وينسب إلى الحمل : الفصل ، وفيها تكون الشمس في شرفها ، وعلوّها ، وطول نهارها ، ولذلك كانت الدنيا كانت إلى ثلاثة آلاف سنة : علوية روحانية طاهرة ، ولأن السرطان والأسد والسنبلة : منتقصة ، فإنّ الشمس تنحط من علوّها في أوّل دقيقة من السرطان ، وكان قدر الدنيا وأبنائا منحطا في الثلاثة آلاف الثانية ، ولأن الميزان أهبط الهبوط ، وبئر الآبار ، وضدّ البرج الذي فيه شرف الشمس دل على أنه أصابت الدنيا واكتسب أهلها المعصية ، والميزان والعقرب والقوس إذا نزلتها الشمس لم تزدد إلّا انحطاطا ، والأيام إلّا نقصانا. فلذلك دلت على البلايا والضيق ، والشدّة والشرّ ، وحيث تبلغ الآلاف إلى أوّل الجدي الذي فيه أوّل ارتفاع الشمس ، وإشرافها على شرفها ، وفيه تزداد الأيام طولا ، والدلو والحوت اللذان تزداد الشمس فيهما صعودا ، حتى تصل لشرفها فيدل على ظهور الخير ، وضعف الشرّ ، وثبات الدين والعقل والعمل بالحق والعدل ، ومعرفة فضل العلم والأدب في تلك الثلاثة الآلاف سنة ، وما يكون في ذلك فعلى قدر صاحب الألف والمائة والعشرة ، وعلى حسب اتفاق الكواكب في أوّل سلطان صاحب الألف ، فلا يزال ذلك في زيادة حتى يعود أمر الدنيا في آخرها إلى مثل ما كان عليه ابتداؤها ، وهي في ألف الحمل وكلما تقارب آخر كل ألف من هذه الألوف اشتدّ الزمان ، وكثرت البلايا لأنّ أواخر البرج في حدود النحوس ، وكذلك في آخر المئين والعشرات ، فعلى هذا الانقضاء للدنيا إذا كان الزمان يعود إلى الحمل كما بدأ أوّل مرّة.
وزعموا أن ابتداء الخلق بالتحرّك كان والشمس في ابتداء المسير ، فدار الفلك ، وجرت المياه ، وهبت الرياح ، واتقدت النيران ، وتحرّك سائر الخلائق بما هم عليه من خير وشرّ ، والطالع تلك الساعة تسع عشرة درجة من برج السرطان ، وفيه المشتري ، وفي البيت الرابع الذي هو بيت العافية ، وهو برج الميزان زحل ، وكان الذنب في القوس ، والمرّيخ والجدي والزهرة وعطارد في الحوت ، ووسط السماء برج الحمل ، وفي أوّل دقيقة منه