الشافعى بعض الحكم النثرية ، والأشعار الحكميّة الطيبة. ومن ذلك قوله : قال لى الشافعى «رضى الله عنه» : «يا أبا موسى ، رضا الناس غاية لا تدرك. ما أقوله لك إلا نصحا ، ليس إلى السلامة من الناس سبيل ، فانظر ما فيه صلاح نفسك فالزمه ، ودع الناس وما هم فيه» (١).
ومما رواه يونس من شعر الشافعى قوله :
ما حكّ جلدك مثل ظفرك |
|
فتولّ أنت جميع أمرك |
وإذا قصدت لحاجة |
|
فاقصد لمعترف بقدرك (٢) |
وأعتقد أن الرجل الذي صحب هذا الإمام العظيم ، الذي يعد آية من آيات البيان الرائع ، والأداء اللغوى الجميل ، ولازمه فى مجالس علمه ، وحضر مناقشاته فى اللغة ، والنحو ، والشعر ، وغير ذلك ، لابد أن يكتسب منه قدرا لا بأس به من بيانه الساحر ، وبلاغته الراقية. ومن هنا ، فأنا أرجح أن تكون هناك بعض مدونات ، سجّلها يونس ، تنطق بالفصاحة والبلاغة. ولعل حفيده المؤرخ «ابن يونس» طالعها ـ فيما بعد ـ وأضاف إليها إضافات ، أسهمت فى تشكيل سماته الأسلوبية ، كما سنرى فى دراسة كتابيه.
خامسا ، وأخيرا ـ وما ذا عن التاريخ؟
لقد طوّفت ـ فيما مضى ـ بمناحى ثقافة «يونس بن عبد الأعلى» ، وعرضتها بإيجاز وتركيز ، محاولا الربط بين الجد والحفيد «ابن يونس المؤرخ» ، على اعتبار أن له تأثيرا كبيرا فى مؤرخنا. والشيء الذي ينبغى أن نلتفت إليه هو موقف «يونس» من التاريخ ، وهل كانت له اهتمامات برواية أحداثه ، تقارب ـ مثلا ـ اهتماماته بالقراءات ، والحديث ، والفقه؟ إننا يمكن تركيز الإجابة عن ذلك فى النقاط الآتية :
بالنظر فى عدد من مرويات «يونس بن عبد الأعلى» ذات الصبغة التاريخية ، فإنه يمكن تقسيمها على النحو الآتى :
__________________
القرآن ، والحديث ، والفقه ، والعربية فى (معجم الأدباء ١٧ / ٣٠٠ ، ٣٠٤). وقد صدرت كلمات بليغات ـ لعلها شعر محفوظ ـ على لسان يونس ، نطق بها لمّا بلغه موت أحد أعدائه ، فقال : (حبذا موت الأعداء بين يديك وأنت تنظر). (القضاة) للكندى ص ٤٧١.
(١) معجم الأدباء ١٧ / ٣٠٤ ، ووفيات الأعيان ٧ / ٢٥٢ (باختصار).
(٢) السابق ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٢١ / ٤٠٧.