٤ ـ فى تاريخ القضاة بمصر :
توجد العديد من النصوص التاريخية ، التى تنسب إلى «يونس بن عبد الأعلى» ، وتتعلق بأخبار القضاء والقضاة بمصر. من ذلك : «ما ذكره عن تظاهر أستاذه ابن وهب بالجنون أخريات حياته سنة ١٩٧ ه ؛ كى يفر من تولى منصب القضاء بمصر (١) ، وكذلك انصراف «على بن معبد الرّقىّ ، نزيل مصر» من عند المأمون سنة ٢١٧ ه ، بعد أن رفض ما عرضه عليه من قضاء مصر» (٢). هذا فيما يتصل ببعض من عرض عليهم قضاة مصر ، فأبوا المنصب. وهناك مزيد من النصوص المتعلقة بعدد من قضاة مصر ، منها : «ظروف وملابسات عزل القاضى إسماعيل بن اليسع الكندى الحنفى سنة ١٦٧ ه (٣) ، وما ورد عن خلافات القاضى محمد بن مسروق الكندى (١٧٧ ـ ١٨٤ ه) مع أهل مصر وذمهم إياه ؛ لتعاليه عليهم (٤) ، وما ذكر عن إدخاله النصارى ـ لأول مرة ـ المسجد ؛ لفض خصوماتهم (٥). وهكذا ، عرضت ـ فى إيجاز ـ لثقافة ومعارف «يونس بن عبد الأعلى» جد «المؤرخ المصرى ابن يونس الصدفىّ». ولم يكن ذلك على سبيل الاستطراد ، وإنما كان ذلك العرض ؛ لأجل تلمس الصلات بين الجد والحفيد ، ومدى تأثر مؤرخنا بهذا العالم الثقة الثبت. وقد اتضح لنا من خلال ما مضى ما يلى :
أ ـ أن يونس كان ملما بثقافات وعلوم العصر الذي عاش فيه ، وإن غلبت عليه صفتا «المحدّث الفقيه». وسيكون لثقافته الحديثية تأثير فى مؤرخنا «ابن يونس».
ب ـ أن التاريخ كان يشكل أحد ملامح ثقافته ، وأنه كان على معرفة وإلمام بتاريخ الإسلام والأنبياء بعامة ، وبتاريخ القضاء فى مصر خاصة (٦). ولعل مرد ذلك يرجع إلى
__________________
(١) سير النبلاء ١٤ / ٤٢٤.
(٢) القضاة للكندى ص ٤٤٢ ، وسير النبلاء ١٠ / ٦٣١ ـ ٦٣٢.
(٣) القضاة للكندى ص ٣٧٢.
(٤) السابق ٣٩٠.
(٥) السابق ٣٩٣.
(٦) هذا هو القدر الموضوعى الذي نستطيع نسبته إلى يونس فى ضوء ما لدينا من مادة. وقد وصفه ابن خلكان بأنه «علّامة فى الأخبار ، والصحيح والسقيم ، ولم يشاركه فى زمانه أحد». (وفيات الأعيان) ٧ / ٢٤٩. وهذه مبالغة من ابن خلكان. وأعتقد أن يونس شاركه فى علمه بل فاقه بعض معاصريه. وأسماء الفقهاء فى عصره كثيرة ، منهم : (البويطى ت ٢٣١ ه) ، وكان شيخ