كيفية مواجهتها :
نبدأ ذلك بالرد على المقولة السابقة فى نقاط محددة هى :
أ ـ استند الباحث ـ فيما بدا له ـ إلى أحد النقول عن مؤرخنا «ابن يونس» ، ولم يذكر لنا ذلك النص ، وإن كنا نرجح أنه مأخوذ من «تاريخ بغداد» ، باعتباره محل بحثه ودراسته. ولا شك أنه استناد منقوص ، وتعميم غير دقيق ؛ لأنه حتى يرجح ما رجح لا يكفى الاتكاء على نص واحد من كتاب واحد ، وإنما نحتاج إلى مئات التراجم ، وعشرات المصادر ؛ حتى نستقرئ منهج مؤرخنا فى الترتيب والتنظيم على أساس دقيق صحيح ، وهو ما حاولت صنيعه فى مواجهة هذه الصعوبة ، التى وقفنا أمامها حائرين متسائلين : كيف نسوق كل هذا الجمّ الغفير من التراجم؟!
ب ـ ليس بصحيح أن ابن يونس رتب «الغرباء» على «المدن» ، ولم يحدث خلال السبعمائة وثلاث تراجم (٧٠٣) ، التى جمعتها أن وجدت هذا الأساس ، أو شيئا من ذاك التكرار على الإطلاق.
ج ـ أنه علاوة على خطأ استنتاج الباحث ؛ فإن ما وصل إليه ـ كما قال هو ـ يتصل بالغرباء ، فعلى أى أساس كان ترتيب «تاريخ المصريين»؟!
إزاء ما تقدم ، حاولت أن أستكشف الأمر وأستوضحه من خلال استقراء المصادر المختلفة الناقلة عن مؤرخنا ، فخرجت بالقواعد الآتية :
أ ـ أن مؤرخنا ـ بعامة ـ رتب تراجمه ترتيبا هجائيا (١) ، لكننا لم نقف على تفاصيله ، فاجتهدت فى مراعاته فيما جمعت من مادة مراعاة دقيقة ؛ حتى يسهل على القارئ مراجعة ما يريد من تراجم. وتصرفت بمنهج خاص بى ؛ لعدم وقوفى على موقف ابن يونس ، إزاء ما ورد من أسماء مترجمين منسوبين ، وغير منسوبين ، أيهما نقدّم ومن نؤخر ، فاخترت تقديم غير المنسوب (٢). وبناء على ذلك ، فقد جعلت للمترجمين أبوابا
__________________
(١) فهذا هو الشائع فى الترتيب آنذاك ، واتبعه ابن الطحان فى ذيله على (تاريخى ابن يونس) ، لكنه لم يكن دقيقا. وكذلك لم يكن ابن يونس دقيقا فى مراعاته أحيانا (راجع ترجمة عبد الله ابن حوالة الأزدى) فى (تاريخ المصريين) رقم ٧٢٨ (هامش ٣). وقد ذكر ياقوت أن فى كتاب (الغرباء) لابن يونس باب (السين) ، و (النون) ، وهكذا ؛ مما يدل على مراعاة الترتيب (معجم الأدباء ١٨ / ١١١).
(٢) مثل : تقديم ترجمة (عمرو البكالى) فى (تاريخ المصريين) رقم (١٠٠٨) على بقية تراجم الباب الخاص بمن اسمه (عمرو).