فى اقتباس النص الواحد ، مع رصد الفارق بينها ما وجد (١). وهذه الطرق المنهجية المتنوعة فى استخدام الموارد تشير إلى قدرة مؤرخنا على التنظيم والتنسيق فى عرض مادته التاريخية ، وعلى الدقة البالغة فى وضع الجزئيات بجوار بعضها ، وجعل المتشابهات تحت مواردها ، مع إبراز الفرق بين مادتين منقولتين عن موردين مختلفين ، اتفقتا فى جانب ، واختلفتا فى جانب آخر.
٤ ـ حسن تقسيم مادة بعض التراجم ، ومن حيث ذكر المورد ، وعدمه (٢).
٥ ـ وأخيرا ، نحاول أن نلتمس منهج مؤرخنا فى الاقتباس «هل كان ينقل بالنص ، أو يتصرف فيه؟».
والحق أن إبراز هذا الجانب المهم المتعلق بالموارد ينحصر فى نقول مؤرخنا من كتاب «أخبار الفقهاء والمحدّثين». وللأسف ـ رغم أن الكتاب طبع أخيرا ـ فإننا لا نستطيع أن نوفى هذا الموضع حقه ؛ لأن كتابى ابن يونس مفقودان ، ونحن نعتمد فى دراستهما على ما تم تجميعه من بقاياهما ، وبقاياهما مرتهنة بما اقتبسته المصادر من أصليهما ، والمصادر لم تنقل نصوص تراجمه كاملة غالبا ، وإنما اكتفت فى معظم الحالات بنتف يسيرة ، يحتاجها مؤلفوها ؛ للوفاء بأغراض كتبهم «مثل : رأى ابن يونس فى محدّث ما ، أو تاريخ وفاة المترجم له». ومن هنا كانت المهمة عسيرة للغاية ، ويتعذر القيام بها ، ولا نجد إزاء ذلك إلا الاكتفاء بإبراز ملاحظتين ، هما كل ما يمكن الخروج به من المقارنة بين ما جاء فى «تاريخ الغرباء» ، لمؤرخنا ، وأصوله فى «أخبار الفقهاء والمحدّثين» للخشنى ، وهما :
أ ـ أن ما بقى من تلك التراجم لدى ابن يونس إن هو إلا مختصر لما ورد لدى الخشنى (٣) ، وأحيانا يصل إلى درجة السطحية والتهافت (٤) «مما لا أظن لمؤرخنا دخلا به ،
__________________
(١) تاريخ الغرباء : ترجمة (١٧٩): (حدثنى الحسين بن محمد بن الضحاك ، والقاسم بن حبيش ، قالا (إلى آخر السند ، والرواية). ثم قال : زاد القاسم بن حبيش (وذكر عن المترجم له معلومة ، ليست فى المورد الآخر).
(٢) كما فى ترجمة وردت فى (تاريخ المصريين) ، برقم (١٢٠٨) ، فالمعلومات التى لمسها بنفسه عن (المترجم له) لم يذكر لها موردا (بحكم تتلمذه عليه ، ومعرفته به). أما ما يتصل بسنة مولده ، فسأل أستاذه عنه (فكان المترجم له هو مورده).
(٣) راجع ـ مثلا ـ تراجم أرقام : (٨٦ ، ١٨٩ ، ٢٤٠) فى (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، وقارنها بنظائرها فى (أخبار الفقهاء والمحدّثين) للخشنى (صفحات ٤٧ ، ٨٦ ، ٣١٣) على الترتيب.
(٤) مثل : ترجمة (رقم ١٢٤) فى (تاريخ الغرباء). قارنها ب (أخبار الفقهاء والمحدثين) ص ٦٥.