د ـ هل ولى الصحابى «فضالة بن عبيد» قضاء مصر؟
أخطأ ابن يونس لما جعل هذا الصحابى يلى قضاء مصر ، وبحرها لمعاوية بن أبى سفيان (١). فالحق أن المصادر التى طالعتها تجمع على أنه كان على قضاء دمشق ، وأنه ـ أساسا ـ صحابى شامى ، له دار بدمشق. وقد ولّاه معاوية هذا المنصب بعد وفاة الصحابى «أبى الدرداء» بمشورة منه «رضى الله عنه». وقد ذكر معاوية أنه ولّاه ذلك المنصب ـ وهو متوجه إلى صفين ـ ليكون سترا له من النار. ولم يكن فضالة على بحر مصر ، وإنما كان على رأس جيش شامى ، أرسله معاوية فى البحر ؛ لغزو الروم (٢).
٢ ـ حول أحداث مقتل «زهير بن قيس البلوى» ، وتوقيت ذلك :
ذكر ابن يونس أن زهيرا قتل ببرقة سنة ست وسبعين ، وأن ظروف ذلك المقتل تتمثل ـ باختصار ـ فى مجىء الصريخ إلى الفسطاط بنزول الروم برقة ، فأمر عبد العزيز بن مروان زهيرا بالنهوض إليهم. وتذكر الرواية التى يسوقها ابن يونس ـ وهى ذاتها الموجودة تقريبا لدى ابن عبد الحكم ، ولعله نقلها عنه ، أو عن تلميذ ابن عبد الحكم وهو ابن قديد ، وسقط ذلك المورد من النساخ ـ أن زهيرا سار على رأس أربعين رجلا فقط ، وأراد أن يكف عن القتال ، حتى تكتمل جيوشه ، لكن غلامه أثار فيه الحميّة ، فقاتل بهم حتى قتلوا جميعا (٣).
والصواب أن الروم بلغهم ـ بالقسطنطينية ـ أن زهيرا سار من برقة إلى إفريقية ؛ لقتال كسيلة ، فاهتبلوا تلك الفرصة ، وخرجوا بمراكبهم من جزيرة صقلية فى أعداد كبيرة ، وأغاروا على برقة ، فأصابوا منها سبيا ومقتلة عظيمة ، ونهبوا نهبا كبيرا. ووافق هذا
__________________
(١) تاريخ المصريين (ترجمة رقم ١٠٦٨).
(٢) راجع ما ذكر عن هذا الصحابى الشامى فى (طبقات ابن سعد) ٧ / ٢٨٢. وراجع ما ورد بخصوص ولايته قضاء دمشق فى (الاستيعاب) ٣ / ١٢٦٢ ـ ١٢٦٣ ، وأسد الغابة ٤ / ٣٦٣ ، والإصابة ٥ / ٣٧١ ، والتقريب ٢ / ١٠٩. ويلاحظ أن الذي كان على أهل مصر فى الغزوة البحرية المذكورة بالمتن هو الصحابى (عقبة بن عامر الجهنى). (فتوح مصر) ص ٢٦٩. ويلاحظ ـ أيضا ـ أن ابن عبد الحكم لم يحدد متى ، وأين ولى (فضالة) القضاء ، واكتفى بقوله : استقضاه معاوية. (السابق ٢٧٩). وتجدر الإشارة إلى أن ابن عبد الحكم ذكره ضمن الصحابة فى مصر ، وقال : له شبيه بعشرين حديثا ، أورد له منها ١١ حديثا (السابق : ص ٢٧٦ ـ ٢٧٩).
(٣) المصدر السابق : ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ (معه سبعون رجلا) ، وتاريخ المصريين رقم (٥٠٢).