وسلك مؤرخنا مسلكا آخر ، يدل على وعيه بغرض وهدف التاريخ الأخلاقى ، فقام ـ من خلال التراجم ، وبطريقة غير مباشرة ـ بعرض الكثير من الروايات التاريخية الداخلة فى صلب تراجمه ، لكن لها مدلولات أخلاقية رائعة ، مثل : «الدعوة إلى العدل المطلق فى تطبيق الأحكام (١) ، والدعوة إلى التعلم والتفقه ، فبهما يمكن أن يصل الإنسان إلى مراتب العلماء (٢) ، والوفاء للجار والذّود عن حماه (٣) ، ورحمة الكبير بالصغير ، وترفع الغنى عما بأيدى الفقير» (٤) ، إلى غير ذلك من المبادئ القويمة الفاضلة.
ملاحظات حول عناصر الترجمة السابقة :
أ ـ هذه العناصر السبعة السالف ذكرها تمثل ـ عامة ـ العناصر الرئيسية ، التى كان يتكرر ورودها فى كثير من تراجم مؤرخنا فى كتابيه.
ب ـ أن هناك عنصرا نادر الذكر فى التراجم ، وهو «معتقد المترجم له» (٥) ؛ ولذلك آثرت عدم النص عليه فيما مضى.
ج ـ أن هذه العناصر تنطبق أكثر ما تنطبق على الأسماء (٦) ، دون «الكنى» ، و «النساء» ؛ لأن البابين الأخيرين تتسم تراجمهما ـ غالبا ـ بالاختصار الشديد ، وندرة المعلومات ، بخاصة ذلك الباب ، الذي ابتدعه ابن يونس «باب النساء» (٧).
__________________
١٦٢ ، ١٨٦ ، ١٨٨ ، ٣١٤ ، ٥٣١ ، ٥٨٦ ، ٥٩٠ ، ٦٨٠ ، ٧٣١). وفى (تاريخ الغرباء) أرقام : (٣ ، ٣١ ، ٣٦ ، ١٨٩ ، ٢٩٦ ، ٣٣٠ ، ٣٩٠). ويلاحظ أنه كان نادرا ما يذكر صفات خبيثة فى بعض المترجمين ، كما فى (السابق : رقم ٦٧) ، قال عن صاحب الترجمة : (كذاب خبيث ، يعمل عمل المجانين). وقال عن آخر (برقم ٢٩٠): (خلط ، ووضع الأحاديث ، فافتضح).
(١) تاريخ المصريين : رقم (٦٥).
(٢) السابق : ١٤٠.
(٣) السابق : ١٧٤.
(٤) السابق : ٣٢٠.
(٥) السابق : ٥٧٤ (علوى) ، ١٣٨٨ (يتشيع).
(٦) ويلاحظ أن (تراجم الصحابة) فى (الأسماء) تركز على عناصر بعينها : مدى شهود فتح مصر ، والاختطاط بها ، وما روى عنهم من الأحاديث ، ومدى وجود عقب لهم بها (السابق) رقم (٩٥٠) مثلا. وقد يضاف عنصر عدد الرواة عنه فى مصر (تنفرد به ترجمة ٧٥٢).
(٧) تقتصر تراجم النساء على بيان أمومة المرأة لأحد رجال مصر (السابق ١٤٥٣ ـ ١٤٥٥) ، أو كونها زوجة أحد القضاة (١٤٥٧) ، أو راوية للحديث (١٤٥٨).