الأشجار والبحر نحو عشرة أو إثني عشر ذراعا ، ووضعها هي في المحل يكون بعيدا عن الحيطان في الأقل ذراعين ، وإذا كانت الكهربائية ضعيفة يربط برجل القوس عند الاسطوانة البلورية سلسلة من أي معدن وجد ، ويربط طرفها الآخر بالحائط ثم يوضع كرسي أرجله من البلور الثخين بعيدا عن الآلة قدر ذراعين ، ويوضع عليه طرف القضيب الماسك في الاسطوانة النحاسية ، ويجلس على الكرسي المريض وتدار الآلة إما بالبخار أو باليد ، ويفتح القوس النحاسي وعند ذلك يمتلىء الجالس بالكهرباء من غير أن يحس بشيء ، إلا إذا قرب منه جرم ما فإنه يتطاير بينه وبين الجالس شرر يشبه البرق ، ويحس به الجالس ضربا وإحراقا لكنه لا أذية فيه.
ولزيادة الدواء يأخذ الحكيم عصا من نحاس ويدها التي يمسكها من البلور وفيها حلقة تربط بها سلسلة معدنية متصلة بالأرض ، وللحذر من مسها للحكيم يدخلها بحلقة متسعة من النحاس موصولة بيد من البلور يمسكها الحكيم بيده اليسرى ليبعد جرم السلسلة عن نفسه من غير تعطيل لحركتها أو اتصالها بالأرض ، حيث كانت تمر في الحلقة الواسعة ، ثم يصوب رأس القضيب الذي بيده وهو مخروط مذبب صوب المريض الجالس على الكرسي ، على الجهات التي هي مجالس للألم وإذ ذاك ترى شعلة من النار الزرقاء المبيضة خارجة من رأس القضيب ويحس المريض بريح باردة واصلة إليه ، وإن قرب منه القضيب خرج الشرر وتارة يعوض رأس القضيب بكورة نحاسية توصل به وتارة يعوض بكورة خشبية متعددة الأنواع من صلابة الخشب ورخاوته ، لأن الصلب أشد كهربائية فيستعمل من تلك الأنواع على حسب قوة المريض ، ويدام العمل من خمس دقائق إلى عشرين دقيقة تدريجا مع تأنس المريض ونقاهته ، وحصل لي بهذا العلاج مدة أربعين يوما نفع عظيم ولله الحمد ، كاد أن ينقطع به الألم بالمرة إلا بقايا قليلة لا عبرة بها.
وعند الرجوع إلى الوطن أكد عليّ الحكيم الحذر من الأسباب وتفقد العلاج المذكور ، أو شرب قطرات صغيرة من محلول الذهب الذي بان نفعه أيضا من ست قطرات في نصف كأس من ماء إلى خمس عشرة قطرة تدريجا قبل الأكل فطورا وعشاء وعند النوم ، فكنت أستعمل آلة الكهرباء الدوائية التي ظهر نفعها غير أن الأطباء أوصوني على عدم ملازمتها خوفا من تأنس البدن ، ولذلك تركتها مدة مع أني كنت اشتريت آلة واستصحبتها معي ، والفرق بينها وبين الآلة التي عند الحكيم في باريس أن التي أخذتها تدار باليد والأخرى تدار بالبخار لكثرة استعمالها حيث يعالج بها كثيرين ، وأما التي عندي فتكفي فيها يد الآدمي إذ لا يدوم العمل بها أكثر من عشرين دقيقة في اليوم. ثم عند تركي للعلاج بها مدة كنت أخاف من اشتداد الألم الذي تتظاهر مخايله من حدوث بعض الدوار والإرتخاء والحزن ، الذي هو من علامات الهيجان للنوع الثاني من المرض ، وهو اعتراء برد شديد في الأطراف وصغر في النبض مع ألم عام لا أقدر أعبر عنه ولا أعلم مجلسه أين هو ، مع ارتعاش في الأعضاء وجفاف في الريق وصعوبة في ابتلاع الريق والطعام وضيق في النفس ،