بحيرات. أولها : بحيرة الحاضرة ، وثانيها : بحيرة المزوقة عند بن زرت ، وثالثها : بحيرة الكلبية بين القيروان والساحل.
وأما الأنهر : فليس به إلّا نهر واحد وهو مجرده ومنبعه من ولاية قسنطينة التابعة للجزائر ، وينحدر من هناك مشرقا مع زيادة تعاظمه بالجداول التي تصب فيه إلى أن يخترق القطر التونسي مارا من الغرب إلى الشرق في الجهة الشمالية من القطر ، وتزداد مياهه أيضا بما يصب فيه من الجداول إلى أن يصب في البحر في جون رواد من شماليه قرب غار الملح ، وهذا النهر وإن لم يكن سواه في هذا القطر فهو لا يحمل إلا القوارب الصغيرة في الصيف وأما في الشتاء فيمكن أنه يحمل القوارب الكبيرة لا السفن ، وإذا تكاثرت الأمطار فإنه يفيض ويطفو على أراضي وسيعة وربما حصلت منه بعض أضرار.
وأما الجداول : فهي ليست بكثيرة جدا ولكنها خارقة لأغلب الجهات ، ومنها ما يجري دواما ومنها ما يجري عند هطول الأمطار ومن أشهر هاته الجداول واد ملأن ومنبعه من جبال برقو من الجهة الجنوبية ، ويخترق وطن رياح ثم ينحدر إلى أن يصب في البحر في رادس يبعد عن الحاضرة عشرة أميال ، وكثيرا ما يمنع المارة عن عبوره عند كثرة الأمطار ، وتارة يفيض لكن لا يحصل منه ضرر لمن يجاوره غير أنه يضر بمن يكون فيه من الرعاة والمارين ، حيث أن فيضانه يأتي دفعيا وجريان مائه سريعا لكثرة انحداره.
وأما العيون : فليست كثيرة في عموم القطر ، لكنها تكثر جدا في الجهة الشمالية في جبال ماطر وجبال طبرقة وجبال باجة ، وفي الكاف عين عظيمة جدا كثرة ماء وعذوبة وبرودة ، حتى تقع المخاطرة في الصيف لمن يقتدر أن يرفع شيئا من قعر الماء الجاري عند منبعه ، ثم تنحدر من الجبل وتسيح في البساط مهملة ، وكذلك في إسبيطله عين عظيمة وفي زغوان وجقارعيون كثيرة ، وبعضها وهو أكبرها مجلوب إلى تونس الآن في قنوات من حديد مع آثار القنوات القديمة التي كان جلب فيها الرومان الماء من هناك إلى قرطاجنة ، وكذلك في الجريد عيون غزيرة عذبة الماء وحارة ، كما يوجد بالقطر مياه كثيرة معدنية أشهرها ماء حمام الأنف النابع من جبل أبي قرنين وهو ماء حار عليه عدة حمامات ، والماء نابع من عدة عيون أحسنها عين حمام العريان ، ثم عين الحمام الكبير وله نفع عظيم لعدة أمراض قد أفردت منافعه وكيفية استعماله برسالة خاصة للحكيم الكبير وترجمها ونقحها العلامة بيرم الأول قدس ثراه ، وهذا الحمام يبعد عن الحاضرة خمسة عشر ميلا جهة الجنوب الشرقي مطل على شاطىء البحر جامع للنزهة والنفع والتأنس ، حيث كان على الطريق العام الموصل إلى الساحل وغيره من أكبر جهات القطر ودرجة حرارة مائه