فسلطانا ، حتى استنار الوجود ، بخليفة الوقت الموجود ، وهو مولانا السلطان محمود ، اللهم أعنا على ما أوجبت له من فروض الطاعة ، وتأييد الحق بجهد الإستطاعة ، واحفظنا برفقه وعدله من الإضاعة ، واجعل الملك فيه وفي عقبه إلى قيام الساعة ، وعطف قلبه إلى سماع هذه الضراعة ، من أيالته ومن بها من الجماعة ، على لسان أحمد المقيم على طاعته فيها ، والمجتني من ثمرتها ما يلزمها ويكفيها ، وطاعة خلافتك فرض على أهل الأرض وهي عند الله أنمى قرض ، فإذا لم يعرض الحال عليك فعلى من العرض ، تونس موضع شعائر الإسلام ، غريبة ببعدها عن استمطار أياديك الجسام ، ومساحة معمورها للسير نحو الستة أيام ، شأن أهلها التمعش من الزيت والبر ، والصوف والوبر ، يعانون في تحصيلها من ألم الحرّ والقرّ ، هذا غالب ما يسد لهم الخلة ، ويوجد غيرها لكن على قلة ، ومقدار زكاة ذلك لا محالة ، بحسب اتساع العمالة ، فما يفضل من خصبها فهو للقحط عدة ، وبذلك دام عمرانها لهذه المدّة ، لا فضل من ذلك لترف ، ولو في سبيل شرف ، هذا معظم دخل القطر ، إن جادت السحب بالقطر ، ويلزمه ضرورة لحفظ عمرانه ، وحماية أوطانه ، وتأمين سكانه ، وإصلاح مراسيه وبلدانه حماة وأجناد ، في كل جهة وبلاد ، لتأمين الجبال والوهاد ، وردع أهل الفساد ، ويلزم العساكر الكسوة والطعام ، والمرتب على الدوام ، ولا بد لهذا العدد ، من آلات وعدد ، وقوام هذا بالمال ، وهو السبب في عرض الحال ، بأن الدخل على قدر الإنفاق ، وذلك بشهادة الله غاية ما يطاق ، وإذا كلفنا الرعية المشاق ، ونزعنا الرفق والإشفاق ، كان ذلك ذريعة للنفاق ، وسلما للشقاق ، وربما هرعوا للدولة شيوخا وولدانا ، وكهولا وشبانا ، يسوقهم العجز ويقودهم الأمل ، إلى من في طاعته النيات منا والعمل ، فالسلطان ظل الله في أرضه يأوي إليه كل مظلوم ، وهذا من الواضح المعلوم ، وعبدكم حسبه تأمين البلاد ، وحفظها من طوارق الفساد ، بمن معه من الحماة والأجناد ، سهرنا لانامة أجفانها ، وتعبنا لراحة شيوخها وولدانها ، واقتحمنا المخاوف لأمانها ، وما تنتجه غلاتها ، تسد به خلاتها ، وعلى هذه السيرة ولاتها ، لا يقتنون لأنفسهم مالا ، ولو بسطوا لذلك آمالا ، إلا ما يقتضيه الحال من العادات المألوفة ، والمراسم المعروفة ، يصدهم عن ذلك عدم اليسار ، لا زهد الأبرار ، والله المطلع على الأسرار ، وبما بسطنا من الكلام ، في حال هؤلاء الإسلام ، يظهر للقائم بمصالح الآنام ، أن لا قوّة لهذه الايالة على آداء المال في كل عام ، هذه ضراعة رعيتك ، المستمسكين بطاعتك ، المستجيرين بحمايتك ، المرتجين لعنايتك وإعانتك ، قمت بتبليغها بين يدي سلطنتك الخاقانية ، وهمتك العثمانية ، وتبليغها من الواجب في حقي ، وهو ثمرة طاعتي وصدقي ، والمأمول من تلك الهمة ، النظر لهذا القطر بعين الرحمة ، وهذا المال في خزائن الدولة لا يزيد ، وثقله على هذا القطر شديد ، فارحم أيها المولى ضراعتنا ، ولا تفرق بما لا نطيق