جماعتنا ، فالأمر جلل ، وما قرّرناه بعض من الأسباب والعلل ، وقد فكرنا وأعيتنا الحيل ، فلم نجد إجابة المطلب إلا بتنقيص عمل ، يفضي إلى نقص وخلل ، أو تثقيل يقطع من الرعية الأمل ، ويضعف بسبب ذلك هذا العمران ، وتشتد الحاجة للإستمداد من كرم مولانا السلطان ، والله يجيرنا من حوادث الأزمان ، هذه وسيلة من بعدت داره ، ولم يكن بيده اختياره ، على لسان مملكة تونس ، مع قدوتها المونس ، صالح مصرها وإمام عصرها ، شيخ الجماعة ومفتيها ، الذي دانت له البلاد ببنيها ، ونالت به الملة أقصى أمانيها ، الساري ذكر تأليفه في النواحي ، السيد إبراهيم الرياحي ، وجهته حالتنا وانتظرت ، ومن سحائب رحمتك استمطرت ، اللهم أنت أعلم بنا منا ، فلا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا ، وارزقنا الرحمة من سلطاننا والهمة ، لإعانة أوطاننا ، إنك على كل شيء قدير وكتب في أواخر أشرف الربيعين سنة (١٢٥٤ ه).
وفيها : ما كتبه أحمد باشا المذكور في تبرئة نفسه مما رمي به ، من إرادة المخالفة ، ونصه :
الجناب المقصود لبلوغ الآمال ، ونجاح الأعمال ، جناب ركن الدولة وشمس ضحاها ، وقطب رحاها ، صدر صدور الكبرا ، ومركز دائرة الوزرا ، المشير الأفخم ، والصدر المعظم ، السيد مصطفى رشيد باشا ، لا زال محط الرحال وقبلة الوجوه ، بالغا من الله ما يؤمله ويرجوه.
أما بعد تقديم ما يجب للسلطنة من فروض الطاعة ، بحسب الإستطاعة ، فإن هذا العبد الذي مات في خدمة الدولة سلفه ، وعاش في فضلها خلفه ، روابطه مع الدولة العلية ثابتة الأساس ، معلومة في الناس ، واضحة وضوح الصبح غنية عن الشرح ، كما أن ما جبل عليه سلطان زماننا من كرم الطباع وطول الباع ، أمر انعقد عليه الإجماع وما على الصبح غطاء وما على الشمس قناع ، والأمان الذي مهده لأهل الإيمان واضح للعيان ، لا يختلف فيه إثنان ولا يخطر بالبال ما ينافيه ، لأنه من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وطالما تمنى هذا العبد الوفود إلى الحضرة العلية ومشاهدة الأنوار المجيدية ، لو ساعده الزمن ، وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، وما صده والله عدم الأمان لأنه من المستحيلات العقلية مع أنه لم يصدر منه خلل في عمل ولا نية ، فاعلل النفس بأن التوجه إنما هو تعرض لعناية الدولة. والمقام إنما هو لحفظ ما لها في هذا القطر من الصولة ، وتؤثر واجب الخدمة على التعرض لمزيد النعمة ، والنصح في خدمة السادات مقدم على نفع خاصة الذات ، فاقتصرت بالضرورة على السنن المألوف والمسلك المعروف. من تقربي إلى الباب العالي بتقديم الهدية طبق الأصول الإعتيادية ، في هذا الوجق الذي أشرقت عليه الأنوار العثمانية. وحمته الشوكة الخاقانية ، وإن كانت الدولة على أضعافها غنية ، فما