راعني إلا ما في مكتوب الوزارة من أنه صدرت المساعدة من حضرة صاحب الخلافة بالتفضل بتوقيفها ، وأن هدايا الوكلاء العظام صار في حيز القبول بمقتضى الرخصة السلطانية ، ففهم العبد من التوقيف عدم القبول ومن عدم القبول نقصان الرضاء ، وفي المكتوب المذكور ما يشير إلى ذلك مع ما بلغه الرسول من تفسير الإشارة بصريح العبارة ، كما ذلك محرر في صحيفة. فحزن لذلك الفؤاد وماج في تيار الانكار ، إذ لم يصدر منا ما يقتضي ذلك وما سلكنا في غير مسالك ، أما كون سلامة تونس وسعادتها متوقفة على تأييد الروابط القديمة مع الدولة العلية فهو من المعلوم ضرورة وجاحده منكر للبديهيات ، وأما التبعد والتوحش الموجب لأنواع المحاذير فمحله إذا صدر منا خلاف ما انطوى عليه الضمير ، أو فعلا يقتضي نوعا من التغيير أما والحالة هذه فإن العبد لم يجحد حقا معتادا ، ولا أضمر بشهادة الله عنادا ، ولا وطأ لأسباب الشبهات مهادا ، ولم يصدر منه إلا المعلوم بسالف الأزمان ، وأقره السادة القادة من آل عثمان ، والأصل بقاء ما كان على ما كان ، فلا مخاطرة والحالة هذه بالنفس ولا بالوطن أما النفس بوجود الأمان ، من ظل الله في أرضه والقائم بواجب الإسلام وفرضه ، وعدالته العمرية ونيته الخيرة وشفقته على البرية ، بأكثر من هذه الآمال حرية.
وأما الوطن فإنه في حماية دولته ، محوط بصولته يدافع عنه بقوّته ، ويكافح من ناوأه بشوكته ، ولا منافاة بين الذب على القطر الإسلامي وحمايته ، وبين التفضل باستمرار عادته ، واستغفر الله إن يخطر بالبال والحال الحال ، ما لا أقدر أن أفوه به من توهم الإستقلال ، أعوذ بك اللهم من هذا المقال ، كيف ومنابر القطر في كل جمعة تنادي بطاعته ، مع التشكر على تقرير عادته ، ولا رواج للدرهم والدينار إلا باسمه العالي في سائر الأقطار ، وأشرف ألقاب هذا العبد هو ما جعلته له السلطنة العلية وأهلته لنيله من المراتب السنية ، بمحض فضلها وكمال عدلها ، وعدم إمكان الحضور لهذا العبد الشكور إذا كان سببه صلاح الأمور ، والمثابرة على دوام حفظ الجمهور لا يتوقع منه المحذور ، واختلاف البشر في مدارك العقول معقول ومنقول ، وصدق الخدمة يقتضي التصديق في المقول ، هذا وطلب الوزارة شد الله أزرها وقرن باليمن نهيها وأمرها ، من العبد الفقير أن يودع لأمانتها ما في الضمير ، يوجب أن نشرح نيتي وما انطوت عليه طويتي ، فأقول والله شهيد على سري وعلانيتي ، هذا العبد الذي نشأ في طاعة الدولة العلية ، ورفل في حلل مرضاتها الجلية ، وتغذى بلبانها وعاش بإحسانها ، واستظل بأمانها وتشرف بخدمة سلطانها ، من بيت هو عاشر آله في الخدمة ومظهر ما للدولة من النعمة ، أعظم أمانيه دوام رضى مولانا السلطان وظل أهل الإيمان ، وأن تبقى خدمته على سني أبيه وجده ، ونيل هذا هو سعادة جده ، وأن هذه الإيالة الطائعة على هذه الحالة ، لا يراع لها سرب ولا يتكدر لها شرب بحماية القوة السلطانية والشوكة الخاقانية ، وبهذا الحال حفظ طاعتها وصلاح جماعتها ، وهو السبب في اجتماع الكلمة لهذه