الأمة المسلمة ، والله يقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران : ١٠٣]. واختلاف عوائد الآفاق لا ينافي الطاعة والإتفاق. ولا يكون ذريعة للإفتراق ، وتمسك البلدان بعاداتها مخلوق مع ذواتها ، والمأمول من الحضرة العلية أدام الله نصرها ، إذا رأت هذا العبد في مقعد صدق ، وحققت إن نطق بحق ، أن يرق لهذه الفئة القليلة ويرحم ضراعتهم ويجمع بإبقاء عاداته الجميلة جماعاتهم ، حاشا فضله وإنصافه أن ينزع حلة تفضل بها أسلافه ، بل المأمول من كرمه الزيادة وهو المحيي لمآثر أسلافه السادة ، هذا ما في الجنان نطق به اللسان ، بلا شبه ولا تمويه ولا خواطر تنافيه ، فإذا ساعد القدر بالقبول فهو المظنون المأمول ، وإن كانت الأخرى فالله مع الصابرين وهو سبحانه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والله يعلم أننا ما غيرنا ولا أضمرنا غير الذي أظهرنا ، ويوم تبلى السرائر نسأل عما صررنا ، وهذا المكتوب يشرف بلوغه إلى الباب العالي المستوجب لكل المعالي ، الثقة الفاضل المؤتمن نخبة أقرانه لنباهة شأنه ، إبننا محمد أمير لواء عسكر البحر ومعه الكاتب الثقة الخير العفيف الفقيه إبننا علي الدرناوي وجناب الوزارة يثق بأن ما يلقى إلى الحاملين من المقال يصل للعبد الفقير على أحسن حال ، والمرجو أن يعودوا إلينا بخبر يبسط النفس ويعيد لها الأنس ، والله يديم للدولة العلية المجيدية عزا لا يطاول حده ، ونصرا يمضي فيمن عاندها حده ، والسلام وكتب في ٢٠ ذي القعدة سنة (١٢٦٥ ه).
ومنها : مكتوب من أحمد باشا المذكور أصحبه مع العساكر المرسلة في حرب القريم مخاطبا به الصدر الأعظم ونصه :
أما بعد تقديم التحية المناسبة لتلك الوزارة العلية ، والفخامة الراسخة الجلية ، فهذا أمير الأمراء وأحد أعيان الكبراء ، الثقة العمدة فارس هذا الميدان إبننا رشيد وجهه معظم قدركم ، بهذه الفئة القليلة السابق تقريرها لجليل وزارتكم ، ووجهنا معه إبننا محمد أمير اللواء. والله يرى ما للعبد الفقير من الإستحياء عند عرضها على الباب العالي ويسهل الأمر ، إن ذلك على قدر العبد الفقير لا على قدر الدولة ذات العظمة والصولة والاعتماد على الوزارة العظمى في الإنهاء والتقرير وبهمم الرجال تنال الآمال وتحسن الأعمال ، والمأمول من وزارتكم المحمودة الصفات أن تهب لبائع نفسه لله حسن الإلتفات ، فاليد في طاعة الله وخدمة الخلافة واحدة والقلوب على ذلك متعاضدة ، والأنفاس متواردة والمأمول أن يرى أمير هذا الجيش من عنايتكم فوق الأمل والله يسدده إلى مرضى العمل ، وينصر مولانا السلطان ويعلي بسطوته أركان الإيمان ، ويديم وزارتكم ركنا منيعا وكهفا رفيعا ، والسلام. وكتب في شوال سنة (١٢٧٠ ه).
ومنها : مكتوب من محمد باشا عند ولايته على القطر ، يطلب التولية والتقرير ويعلم بإرسال نجدة عسكرية لحرب القريم ، وهدية مالية مصاحبة للمكتوب ، ونصه :
اللهم بالثناء عليك نتقرب إليك ، وبالصلاة على رسولك وخلفائه المتناسقين نسألك