سبل المتقين ، وبشكر نعمك نقرع باب كرمك ، وهو باب الدولة العلية العثمانية والسلطنة المجيدية الخاقانية ، المخدومة بالأعمال والنية ، المقصودة لبلوغ الأمنية ، الوارد فضلها على الأقطار من كل ثنية ، والشمس عن مدح المادح غنية ، وكفاها أن رفعت من الملة الحنفية أركانا ، وأقامت للحق قسطاسا وميزانا ، وروت أحاديث العناية صحاحا حسانا ، وورث ملوكها الأرض وهم الصالحون سلطانا ، يتبع سلطانا من سمي ذي النورين إلى من اختاره المجيد سبحانه لعباده ، وأقام به شرائع دينه وفروض جهاده وتولاه بإعانته وإسعاده ، ويسر على يده مصالح أرضه وبلاده ، لا زالت القلوب بطاعته مؤتلفة ، والسيوف والأقلام بخدمته متصفة ، والألسن في الإقرار بعجزها عما يجب له منصفة ، وبماذا أحيي تلك الحضرة العلية الشامخة والقدم التي في كل فضل راسخة ، ضاق نطاق العبارة ولم يبق إلا مسلك الإشارة ، فالرجوع إلى السنة وتحية أهل الجنة السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله من عبد نعمته العاكف منذ نشا على خدمته محمد بن خديم الدولة حسين باشا باي. أما بعد.
فالمعروض على تلك الحضرة ولها طول العمر ، ونفوذ الأمر ، أن رهين نعمتكم وعبد طاعتكم وعاشر هذا البيت في خدمتكم ابن عم عبدكم ومقام أخيه المشير أحمد باشا باي سار إلى عفو الله فداء الحضرة السلطانية متزودا بما مات عليه من طاعة الخلافة وخدمتها بالعمل والنية ، وفي الحين بادر أهل الإيالة التونسية عموما وخصوصا ، وكانوا بنيانا مرصوصا ، إلى هذا العبد الفقير وألقوا إليه مقاليد أمورهم ، والنظر في حفظ مفردهم وجمهورهم ، فقام العبد بما وجب عليه من جمع الكلمة الإسلامية ، والدعاء على المنابر للسلطنة المجيدية ، راجيا من رضى الخلافة في تأمين البلاد وزوال روعة العباد ، وسد طرق الفساد ، واعتصمنا بحبل الله جميعا ولبى العبد الفقير سلطنتكم سامعا مطيعا ، على عادة أسلافه الخدّام مع السلف الصالح السلاطين الكرام ، ووسيلة هذا العبد أنه نشأ في ظل سلطنتكم وتغذى بلبان نعمتكم ، وتعرّف من نعمكم الأنواع والأجناس ، واستضاء من عنايتكم بنور يمشي به في الناس ، والكرم يرى لسالف الخدمة تأكد حرمة ، وقد ترجى العناية من ذلك الباب ، اعتمادا على فضل ذلك الجناب ، ولا يمت بغيره من الأسباب ، وعادات السادات سادات العادات ، والأمل أن تزيد خدمة عبدكم على خدمة من مضى حتى يرى من ظل الله الرضى ، والله يعاملني في نيتي فيما عرضت من أمنيتي قبل حلول منيّتي ، وقد ابتدأ العبد خدمته بما كانت إليه فيه مع من تقدّم واحده ، والقلوب والجوارح عليه متعاضده ، وهو إرسال طائفة من العسكر إعانة لتلك الفئة القليلة التي تقدمت وبحسن القبول قوبلت والأمل الذي عليه المعول أن يشملها الفضل الأوّل ، ومعها جهد المقل ومنتهى طاقة الضعيف وعلى قدر المهدي الهدية في هذه الإعانة الجهادية ، وعلم السلطنة بالحال ولكنه يقتضي الإغضاء عنه يقدم ذلك عبدا لسلطنة المكتفي بوثوقه وأمانته وسياسته ونجابته أحد خواص عبدكم ومحل إبنه محمد أميرا للوا وهو النائب عن العبد العاجز في طلب الفضل الذي وسيلته الرجاء والأمل ، وفضل الكرام لا يتوقف على ملاحظة عمل ، اللهم أعنا على ما أوجبت لهذه