عليه والمعزول يغرم ما يدعي به عليه أهل عمله مع كونه مضطرا إليه لأنه ما دفع المال لشراء الوظيفة إلا ليربح ما يتمعش به وما يدخره للمستقبل ، وعظم بذلك الخطر والفقر على الرعايا حتى شاهدت قبيلة أولاد عياران كثيرا منهم يستلقطون حب الزيتون بالأجرة لأربابه وعند ما يتم عملهم يأتون إلى الفلاح ليحاسبوه عما تجمع لهم من المال ومعهم أحد أتباع هذا العامل فيحصي لهم جميع أجرهم بعد إخراج مقدار ما أخذوه لقوتهم ويرسله الفلاح معهم إلى دار العامل ليقبضه لأنه حاجر عليهم في قبضه وأشباه ذلك كثيرة.
كما أنه استعوض عن ابن عياد فيما يتعلق بشراء مهمات الحكومة ودفع أموالها أناسا منهم عطية الذي وقع منه أمور عجيبة. منها :
أنه ولي على أعشار الزيت ودفعها في مصاريفها المعينة ، ومنها :
الإجحاف في مؤنة العساكر فكان يدفع إليهم الرديء من الزيت زيادة على مضاعفة الكيل من الدافع ، بل من سوء عمله أنه كان يدفع للعساكر أوساخ الزيت الذي يحمل في قفاف الحلفة ولا يسيل منها ، كما كان يحك ما لصق بحيطان مراجل الزيت ودنانه المسماة بالجرار وما تجمع من ذلك الدسم الوسخ يغلي في الماء السخن ويدفع للعساكر على أنه زيت ، والأرباح التي تحصل لعطية كان يصرفها لمصالح الوزير خزنه دار ، ومنها :
أنه ابتدأ في بناء جامع قرب باب القرجاني ونسبه إلى نفسه مع أن المصروف عليه من مال الحكومة بعض منه على يد ابن عياد والبعض الآخر كان صرفه على يد عطية المذكور ، والدليل على أن ما صرفه لم يكن له أنه مات مفلسا ومع ذلك لم يتم الجامع إلى الآن ، وقد بنى الوزير خزنه دار سبيلا ببطحاء القصبة ووقف عليه حوانيت بجواره ولا زال مستمرّا إلى الآن ، وقد استعوض عن ابن عياد أيضا القائد نسيم شمامة وجعل وظيفته كونه قابض الأموال ، وكان يشتري المهمات بسعر ويحتسبها على الحكومة بأضعاف ، كما أنه حصل بواسطة الوزير المذكور بناء لعدّة زوايا ، فمنها : تجديد زاوية الولي الصالح القطب سيدي أبي الحسن الشاذلي (١) رضياللهعنه الكائنة بجبل الجلاز بنيت على شكل حسن متقن حيث كان الوالي إذ ذاك أحمد باشا تلميذا للشاذلي رضياللهعنه ، وكذلك جدد بناء زاوية الولي الصالح سيدي علي الحطاب رضياللهعنه ، الذي هو أحد تلامذة الشاذلي الكبار وهي في الجهة الغربية من تونس تبعد عنها ثمانية عشر أو عشرين ميلا في الوطن المسمى بالمرناقية وبنيت أيضا بناء حسنا ، ومنها زاوية الحاج علي شيحه الكائنة قرب الحلفاوين من ربض باب سويقة من حاضرة تونس ، وهو منتسب للولي الصالح سيدي عبد السلام الأسمر (٢) رضياللهعنه ، وبنيت بناء حسنا.
__________________
(١) هو علي بن محمد بن محمد بن خلف المنوفي المصري الشاذلي أبو الحسن (٨٥٧ ـ ٩٣٩ ه). من فقهاء المالكية. مولده ووفاته بالقاهرة. الأعلام ٥ / ١١ ، شجرة النور الزكية (٢٧٢) ونيل الإبتهاج (٢١٢).
(٢) هو عبد السلام الأسمر الفيتوري صوفي توفي سنة (٩٨١ ه) عن نحو مائة سنة له كتاب الأنوار السنية في أسانيد الطريقة العروسية. انظر فهرس الفهارس ١ / ١٤٦.