وخلطة الناس لأنه كان يوجس منهم الإعتراض على التصرفات ، ثم قتل الأولين في بضع دقائق من غير سماعهم لدعوى ولا حجة ولا استشارة وارتجت البلاد لذلك وشنعت القناسل سيما الفرنساوي والإنكليزي وسجلوا تسجيلا شديدا فكاتب الأول أي الفرنساوي إلى الوالي بما نص تعريبه :
إني أتمم خدمتي التي ساءني إتمامها وهي إعلام دولة الإمبراطور بالحادث الموجع الذي لوث قصر باردو بالدم ، فإن الفريق رشيد وزير الحرب كان رئيس العساكر التونسية في حرب القريم والفريق إسماعيل السني صهر جنابكم وقع قتلهما في القصر بمجرد تهمة لم يقع إعلامهما ممن صدرت ومن غير أدنى وجه من أوجه الحكم ، فلم يتيسر لي السكوت في مثل هذا الأمر وكان همي أن أقرر لجنابكم التأثير الذي لا بد أن يقع من ذلك وفي سيرتي هذه سبقت إذن جناب دولتي التي استحسنت فعلي المذكور استحسانا تاما ، وإن كنت مأذونا بإعلام دولة جنابكم وإعلام حضرتكم العلية نفسها بالتأثير الذي وقع لجناب دولة الإمبراطور من قتل الشخصين المذكورين ، ولم تتوقف دولة جنابكم في تحملها تلك المسؤولية العظيمة ، كما أني مأذون أيضا بأن أقرر لجنابكم التشويش الواقع من مشاق هذه الأحوال التي لم تزل تعظم من سائر جهاتها» انتهى.
وكتب الثاني أي الإنكليزي للوالي أيضا بما نص تعريبه : «أن الملحوظات الشفاهية التي تسامح الواضع إسمه أسفل هذا المكتوب في عرضها على جنابكم فيما يتعلق بالأمور الموجعة التي وقعت بقصر باردو في شهر التاريخ لا بد أنها أفادت جنابكم بأنها صادرة من التأثير القوي الذي عندي في شأن همة جنابكم ومصالحكم ، وفي شأن التأثير الموجع الذي سيقع بإنكلتره من ذلك ودولتي لا توافقني إذا ادعيت التداخل في تصرفات الدولة الداخلية التي يظهر لجنابكم استعمالها لحفظ الراحة العامة من مقاصد بعض الأشرار ، وبعد الشرح والتفصيل الذي تفضل به جنابكم عليّ لا يبقى لي شك في وجود حجج كافية أظهرت لجنابكم توقع مقاصد موجهة نحو ذاتكم العلية لإتلافها في قصركم نفسه ، ولا شك بناء على كونكم كبير الدولة أن يكون لكم الحق في استعمال سائر الطرق اللازمة لحل تلك العقدة التي مؤداها إتلاف ذاتكم العلية وخراب المملكة ، ولكن بسبب كون جنابكم هو شخص الدولة المرتسمة شرعا فمصلحتكم تقتضي ضرورة أنكم لا تسعوا إلا بإسم الشرائع وعلى مقتضاها فإنها أحسن ضمانة لكم ولا يبعد عنها إلا المتعدي عليها بفساده ، وبعد أن راضت نفس جنابكم وتأملتم في الأحوال لا شك أنكم تحققتم أن الخطر الحال الذي كان فيه جنابكم لم يكن حجة كافية في قتل فريقين من دولتكم لأن في تباعدكم عن طريقة سيرتكم المعتادة بعدا عن القواعد السالمة المرتسمة في القوانين التي منحتم بها بلادكم ، وهي وإن توقفت بالضروب الموجعة الخارقة للعادة فإنها لم تزل موجودة ، مع أن دولتكم مطلوبة بالشروط المنعقدة بينها وبين بريطانيا العظمى وجنابكم معترف بهذه الحقائق غاية الإعتراف لأنكم لم تتوقفوا في إقراركم الرسمي بأنكم تحترمون القواعد المذكورة وذلك