تصرفاته فيما يرجع إلى ذاته ولو من وظائف الحكومة بولده الأكبر واستغنى به عن السماسرة ، وخالطه بل واشتهر إنه شاركه في استلزام بعض مداخيل الحكومة ، وفي التجارة في رقاع أموالها ورقاع الدول الأجنبية حاي الصباغ أحد تجار اليهود ، كما داخله وقيل أنه شاركه في معمل الخبز وقبض أعشار الحبوب وصرفها وغير ذلك من موارد مصاريف الحكومة أميرا للوا حميدة بن عياد ، وولاه على عمل ابن زرت وأطلق له التصرف بعد أن كان الوالي وأخوه من قبله يتجنبونه في الولاية لما استقر في النفوس من مظالم محمود بن عياد وأغلب عائلته ، ولأن حميدة المذكور محتم بالإنكليز فلا تناله الأحكام ومع ذلك فإن حميدة المذكور لم يضر بالرعية وفيه جهة للرفق ، وأعان أهالي ابن زرت على مساعيهم بإقراضهم المال والحبوب ولم يجحف بدافعي الأعشار ولا بقابض الحبوب ، وعامل أهل العلم معاملة حسنة واقتصر في الأرباح الوافرة على ما يربحه من الحكومة مثل الربح من معمل الخبز فإنه تبين بمقتضى الحساب الذي جعله الكومسيون أي اللجنة المالية في السنين التالية بعد خروج المعمل من يد المذكور أن أرباحه كانت تقرب من الخمسين في المائة ، ثم لما رأى الوزير عسر خلاص أموال الحكومة لفقر الأهالي وتكاثر الطلب من الأجانب لأموالهم نقل وزارة المال بالإسم إلى الوزير الشيخ محمد العزيز بوعتورباش كاتب لكي يتحمل المصاعب ويبقى متحملا للقضاء بلا كره ولا رضا ، والأموال يرسل إليها ابن الوزير أعوانه ليخلصها من العمال بأسماء مختلفة.
منها : شراء مطالب من له مطلب على الحكومة مالي سواء كان من الطوارىء أو المرتبات.
ومنها : إخراج تذاكر بأعداد من المال يؤمر فيها وزير المال بدفع ذلك القدر إلى محمد بن الوزير في مصالح على يده من غير بيان ، وكانت ترد تلك التذاكر مكتتبة إلى وزير المال ليصحح على جريدتها لترسل لإمضاء الوالي ، فلم يكن في وسعه إلا الإمضاء من غير أن يعلم شيئا من تلك المصاريف ، وذلك معلوم عند الجميع ولذلك لم يعرج على طلب وزير المال بشيء الكومسيون المالي ، على أن ما يمكن أن يرسله العمال إلى الحكومة ليسكت به الأجانب أصحاب الديون كانت تتخطفه أعوان الوزير خزنه دار من الطرقات ، حتى وقعت خصومات شديدة من الأجانب في مثل ذلك ، ولما كثر القيل والقال من الأجانب في خراب القطر ووقوف حاله وأنه تلزم مساعدة الحكومة للأهالي لرجوع شيء من رمقه ، كان الوزير خزنة دار يقول لخواصه : عجبا لهؤلاء القوم أفأنا المطلوب بإبطال العرب للفلاحة ، أليسوا بعارفين بكيفية الحرث والأرض موجودة فما منعهم عن ذلك ، كأنه لا يعلم السبب لكنه أراد إسكات الأجانب فأعطى إلى الكنت صانس الفرنساوي أربعمائة ماشية أرضا أي نحو أربعين ألف وستمائة هكتار بحساب كل ماشية مائة وإثنان وتسعون حبلا والحبل خمسون ذراعا ، ويكون إعطاء المواشي مدرجة على أربعة أقساط ومن شرطها أن تكون قابلة للزرع والسقي وأن تعفى من جميع الآداءات التي بواسطة والتي بدون واسطة في جميع ما ينبت فيها وما يربى من الحيوانات ونتائجها ، ولزم بسبب ذلك الحكومة مشاق سيرد تفصيل بعضها.