إفلاسهم حتى أنه مع غاية الاجتهاد إنما أمكن أن يستخلص من المليونين ونيف المذكورة نحو مائتي ألف ريال فقط ، واشترى بها أملاكا وقفت على مرجعها وزالت أسباب الضياع بسبب ذلك التحجير.
ومنها : التحجير على العدول الذين يكتبون رسوم بيوع الأملاك بأنهم مهما وجدوا في رسم معاوضة أو إنزالا أي كراء موبدا إلا وأخبروا به جمعية الأوقاف لكي يتحرر بذلك الوقف ، فنتج من ذلك ظهور أموال للأوقاف تبلغ قيمتها مايات الألوف ، كما ظهر بالبحث أيضا أملاك أخرى أصلها وقف واستولت عليها أيدي العدوان ورجعت إلى أوقافها بالمرافعة والأحكام الشرعية ، وكان من جملتها نيف وسبعون هنشيرا ، أي قطعا من الأرض المترثة ما بين كبير وصغير زيادة على الزياتين وغيرها من الأملاك التي تتجاوز قيمة المليون.
ومنها : إبراء من كانت عليه رسوم في أموال من المعاوضات المذكورة مثبتة في دفاتر القضاة مع أن أصحابها دفعوها أو اشتروا بها أملاكا رجعت إلى أوقافها ولم يكتب على المرسوم في الدفاتر ذلك ، حتى لو ضاعت حجة الخلاص على المدين لبقيت رسوم الدين عليه قائمة ، والحال أنه خالص. وكان الذي تحرر من ذلك القبيل ما يبلغ المايتين ألف ريال أو تزيد فأبرئت أصحابها وعلم على رسوم الدين بالخلاص.
ومنها : أن عائلة حاي الصباغ الذي مر ذكره أنه كانت له علقة بالوزير السابق قد نال الحماية من دولة ألمانيا مع أنه تونسي ولم يجر عليه ظلم ، فتكلم الوزير المذكور مع دولة ألمانيا بوسائط سياسية إلى أن صدر مكتوب منها رسمي بأن الصباغ المذكور لا تناله حماية ألمانيا في خصوص القطر التونسي بل تجري عليه أحكام بلاده وإنما يكون ألمانيا إذا كان في غير ذلك القطر.
ومنها : إنشاء مجلس مختلط من متوظفي أغلب قنسليات الدول الأجنبية الذين لهم كثرة رعايا في القطر ورئيسه أحد المتوظفين التونسية للحكم في نوازل الديون والمعاملات المالية الواقعة بين أهل القطر والأجانب فيما إذا كان لا يتجاوز المال الألف ريال ، ولم يتخلف عن الدخول فيه إلا دولة إيطالية لخلاف وقع في المقدار الذي يجوز التحاكم فيه لدى ذلك المجلس ، لأن قوانينها إنما تسوغ الحكم في رعاياها على خلاف قانونهم في مقدار لا يبلغ إلا ألف ريال فقط ، ودامت المذاكرات في ذلك المعنى إلى ان انفصل الوزير المذكور عن الوزارة وحصل من هذا المجلس قطع تشعبات عظيمة وهرج كثير في الخصام لأن الديون القليلة والمعاملات الضعيفة كثيرة الوجود واختلاف الحكم في بلد واحد من المصائب العظمى ، فزال ذلك بوجود ذلك المجلس.
ومنها : شروعه في المذاكرة مع الدول العظام على اتحاد الأحكام في القطر ولما كان يعلم أن دول أوروبا لا ينقادون إلى إدخال رعاياهم تحت أحكام الشريعة الإسلامية في