المحاسبة والاحتساب مع الأجانب ، مع اختلاف الحكم زيادة على كون مثل ذلك لا يتم إلا بموافقة الكومسيون المالي الذي هو المحتسب على مالية الحكومة من الأجانب ، فرفض مطلب الشركة الإنكليزية المذكورة وفسخ الإتفاق معها واشتهر ذلك.
فجاءت في أثره شركة فرنساوية وهي المسماة الآن بشركة «بون كالمة» وطلب زعيمها من الوزير خير الدين إحالة الإتفاق الذي فسخ مع الشركة الإنكليزية لعجزها إلى الشركة الفرنساوية المذكورة بلا اشتراط الضمان المذكور لكن على شرط إيصال الطريق بطريق الجزائر ، فأجابه حالا بعدم تيسر ذلك لجلبه مسائل سياسية لا داعي لفتحها ، فرجع الزعيم وقال : نكتفي بالحلول محل الشركة الإنكليزية التي سمحتم لها وارتضيتم بشروط الإتفاق معها فذلك الإتفاق يحال إلينا ، فأجابه : بأنه يعرض المطلب على الوالي وأخبر الوالي وعقد مجلسا مركبا من سائر الوزراء والمستشارين إلا الوزير حسين حيث كان في بلد قرنه لخصام ورثة القايد النسيم ، واستقر رأيهم على نقل المنحة لما تقدم من البواعث والأسباب ولأن الامتناع من خصوص الفرنساويين بعد حصول المنحة لغيرهم ، وعدم الفرق في الشروط ربما لا تسوّغها المعاهدات والحجاج نعم وإن كان هناك فرق في سياسة أصل كل من الجنسين ، لكنه لا يمكن الإستناد إليه في الحجاج سيما وصريح المعاهدات مع الدول قائل أن كل منحة أو امتياز أو اعتبار يحصل لأحد الأجناس يكون للجنس المعقود معه المعاهدات مثله ، بل في بعضها يقول أنه يكون له مثل الجنس الأكثر اعتبارا الخ. فكيف مع ذلك كله يمكن الإمتناع؟ ولذلك أحيل الإتفاق المشار إليه إلى هاته الشركة مع زيادة التحري في شروطه للحكومة ، فكان مما زيد على الشروط السابقة : أن قسط الحكومة الذي تأخذه من المعدن يكون من ذات الخارج قبل طرح المصاريف.
ومنها : أن الجهات التي تمد إليها الفروع يلزم الإتفاق فيها من قبل العمل مع الحكومة على المركز المنتهية إليه وعلى محل المرور. ومنها : أن لا توصل الطريق بطريق الجزائر وعند هذا الشرط طلبت الشركة المذكورة أن يزاد أيضا وأن ليس للحكومة أن تمنح الوصل بالجزائر لغير الشركة المذكورة ، فزيد ذلك بحيث أن المنحة كانت خاصة بمثل منحة الشركة الإنكليزية مع زيادة شروط لفائدة الحكومة ، ولم يقع الإيصال ولا طلبه مدة الوزير المذكور وإنما وقع فيما بعد على ما يأتي شرحه في المطلب الثامن إن شاء الله تعالى.
ويشهد لما في ذلك من المنافع وعدم المضرة المكتوب الذي أرسله قسم النظر من الكومسيون المالي إلى الوزير خير الدين أثر انعقاد الإتفاق ، ونصه :
سيدي فإن أعضاء قسم النظر من الكومسيون المالي رأوا أن من واجبات مأموريتهم إبداء سرورهم لجنابكم بالاتفاق المنعقد في هذه الأيام على إحداث طريق حديدية بين الحاضرة ووطن باجه ، لأن ما يلزم لنقل نتايج الوطن من المصاريف الباهظة عطل وسق