تونس شيئا من الإختلال ، فوجه عليه الوالي المذكور معسكرا تحت إمرة الوزير محمد المذكور ولقبه في تلك الوجهة بأمير الأعراض.
واستقال الوزير محمد من اللقب ولم يساعفه الوالي ، وفي ولاية الصادق باشا ولي الوزير محمد وزارة الحرب عند استعفاء وزيرها منذ ولاية أحمد باشا وهو مصطفى أغا ، ثم ولي عوضا عنها وزارة الداخلية ثم عوضها بوزارة البحر كما ولي رئيسا ثانيا بالمجلس الأكبر عند وجود القوانين حينما استعفى الوزير خير الدين ، ثم لما حدثت الثورة العامة سنة ١٢٨٠ ه بقي الوزير محمد في زوايا الخمول إلى أن حدث الكومسيون المالي فولي فيه عضوا ، وأرجعت إليه الولاية على الساحل وأبلي في التخفيف على أهله من مصاعب الديون ما تقدم شرحه بإعانته للوزير خير الدين ، ثم سنة ١٢٩٠ ه ولي مستشار القسم الثاني من الوزارة الكبرى مع التلقب بوزير الإستشارة ، ولما حصلت مبادىء استعفاء الوزير خير الدين شاع التعاضد بالوزير محمد لقصد تقليده الوزارة الكبرى ، حيث كانوا على علم بأن نقل الوزارة من خير الدين إلى ابن إسماعيل صعب عظيم في أعين العامة والخاصة ، ويلزم مدة الإستئناس بمباشرة مصطفى بن إسماعيل للسياسة تحت رياسة غيره ، فلما استعفى خير الدين قلد الوالي الوزارة الكبرى للوزير محمد خزندار بعد أن استقاله منها وبكى واعتذر بكبر السن ومرض البدن فلم يساعفه الوالي فتلقاها ، وألبس نيشان البيت الحسيني وطلب من الوالي أن لا تتغير سيرته عن الطور المعتاد له في الأبهة اللازمة لرياسة الوزارة ، كما قلد أيضا رياسة الكومسيون وكان ذلك في رجب سنة ١٢٩٤ ه.
وولي في وظائفه التي كانت بيده مصطفى بن إسماعيل وبقي الوزير محمد في الوزارة متحفظا في ما يستطيعه على إبقاء ما كان على ما كان ، وصاحب النفوذ هو غيره على ما سيأتي شرحه ، ومع أكثر الجزئيات التي تعرض له لا يبدي فيها أمرا إلا بالإستشارة ، ولم يحدث في مدته شيء جديد سوى حرص الدولة العلية على إرسال العسكر فاعتذر إليها بأن غاية ما في الوسع هو الإعانة المالية للأسباب التي مر شرحها ، فلم تصغ لذلك وزادت إلحاحا وتهديدا بلزوم العسكر وطالت المراجعات والإعتذارات من تونس ، إلى أن صرحوا للدولة العلية بأن غاية ما في الوسع والقدرة هو إحضار أربعة آلاف من النفوس بلباسهم فقط وسلاحهم من النوع القديم وما عدا ذلك يلزم أن يكون جميعه على الدولة ، فرضيت بذلك وأعلمت بأنها ترسل إلى حملهم على عجل سفنها فتجب المبادرة بإحضارهم ، فأحضروا وصرف على كسوتهم ولوازمهم مدة حضورهم وانتظارهم للسفن مما جمع من الإعانة المالية من الأهالي التي سبق ذكرها في وزارة خير الدين ، وانعقد الصلح قبل سفرهم فورد الإذن بسراحهم.
وكذلك حدثت نازلة انتهاء أجل الكنت دي صانسي لكنها لما كان كل من الحرص فيها وانتهاء خصامها في مدة الوزير مصطفى بن إسماعيل ، وهكذا نازلة وصل الطريقة الحديدية المار ذكرها بطريق الجزائر ، فإنها وإن وقعت في وزارة الوزير محمد لكنها في