مستعدا ولا مال محمولا معه فأهين بما أذرف دموع المشاهدين من ذلك الملأ ، ومثل ذلك متعدد.
ثم ولي الوزير ابن إسماعيل وظيفة صاحب الطابع أواسط سنة ١٢٩٠ ه ، ويوم ولاية الوزير خير الدين الوزارة الكبرى ولي الوزير ابن إسماعيل وزارة البحر غير أنه لم يباشر هاته الوظيفة في محل الوزارة ، وإنما جعل ما يتوقف على إمضائه يحمل إليه أين كان ليمضيه حتى يقال إنه انفصل عنها ، وهو لا يعلم مضمون تلك الوظيفة إذ لم يكن التصرف على نحو إرادته ولأنه يعتمد من ينيبه من غير احتساب عليه ، ثم عزل عن ولاية الوطن القبلي لأن الوزير خير الدين قد استقر في الوزارة الكبرى وظن أنه غني عن معاضدة ابن إسماعيل حينئذ ، فاقتحم مع الوالي صعوبة الإلحاح بعزله ومن ذلك التاريخ برح الخفاء فيما كان كامنا من منافرة الوزير ابن إسماعيل للوزير خير الدين ، وأن إظهار الميل إليه لم يكن حقيقيا والتفت عليه عصبة الوزير الأسبق خزندار من الأجانب وبعض المأمورين لترويج أغراضهم مما تقدم شرحه ، وفي أثناء تلك المدة كانت أموال الوالي وذخائر الحكومة من المجوهرات والياقوت الأبيض الذي تركه محمد باشا كلها في تصرفات الوزير ابن إسماعيل المذكور إلا ما أخرج من ذلك مما أرسله في هدايا الدولة العلية وما أعطاه الوالي إلى الوزير خزندار ، وله قسط وافر أو غيره ، وكان التحم في تلك المدة بالوزير ابن إسماعيل شخص من سكان الحاضرة يقال له علي ابن الزي كانت الناس تتقيه من قبل ثم ازدادوا منه إتقاء لما التحم بالمذكور ، وتفصيل حالة هذا الشخص لا تناسب هذا التأليف على أن من شاهدها لا يبلغ ما نذكره لما يعلمه ومن لم يشاهدها لا يكاد يصدق بوجودها ولذلك لا نذكر إلا ما يتعلق به من حوادث سيده.
فمنها : أنه حسن إليه معاطاة التجارة في رقاع ديون الدول وراد له تاجرا بعد تاجر إلى أن استقر أمر مع أحد تجار الأقمشة الحريرية من يهود الحاضرة المسمى بيوسف بن عطار ، وأرسله إلى فرنسا للتجارة هناك ثم لما عاد التاجر حصلت بينه وبين علي ابن الزي نفرة ، فأغرى به سيده لإرادة استئصاله وسجن التاجر في سجن الضابطية لأن الضابطية كانت لا تسأله عمن يريد سجنه وإنما حسبها التنفيذ لما يراه ، وادعى على التاجر بنحو سبعة ملايين فرنكا أو تزيد بين مال ومصوغ وحجارة كريمة من الياقوت الأبيض على أنها من أعلى نوع وأنه سافر بذلك إلى فرنسا ولم يؤخذ منه حجة في بيانها وأنه أرجع إليهم بالإرسال من فرنسا مقدارا وافرا من الياقوت الأبيض من النوع الرديء على أنه لم يبع مما تسلمه منهم ، وقبلوا ذلك وبقي التاجر إلى أن أحضر بالضابطية وأخذت منه حجة على أنها بتصحيحه وأنكرها هو وطال الأمر إلى أن تخلص التاجر من السجن وهرب إلى قنسلات الإنكليز محتميا بها طالبا إجراء الإنصاف في نازلته ، وتداخل القنسل الإنكليزي مع الحكومة في إنصاف الرجل ولاحت علائم الزور على الحجة ولم يكن معها من القرائن أو الأسلوب التجاري ما يؤيدها ، سيما في مبلغ وافر مثل ذلك بل ربما كان معها من القرائن عكس