طبيعي في تعدد الآراء وكلف في أثناء ذلك أحد الأعضاء بصورة الشروط التي يمكن أن يقع عليها التعاقد.
وبينما المجلس يوما في أثناء المذاكرات وإذا بالخبر بأن الوزير ابن إسماعيل أخبر بأن القنسل قادم على الوالي ذلك اليوم للحرص على النازلة وأنها لا تتحمل زيادة الطول ، فمن ذلك التاريخ خرجت النازلة عن كونها شورية حقيقية وعدلت الشروط المشار إليها في أقرب وقت ، ودفعت أولى الملاحظات المشار إليها بالنص على أن مركز القمرق لا يكون علامة على الحدود ، وأنظر هل يجدي ذلك أم لا؟ كما دفعت الملاحظة الثانية بأن تكتب بانفرادها في أوراق الوزارة لتكون إشارة على الحكومة في السعي على مقتضاها ، وأبقيت في خزانتها مع تقرير كل ما وقع في المجلس وأمضيت المنحة وسمع ممن ناجزها وسعى فيها أنها من تصرفات الوزير خير الدين ، والواقف على كل ما قررناه يحكم بإنصافه. ثم أرسل هذا الوزير من الوالي لتهنئة ملك إيطاليا أمبيرتو بالولاية عوضا عن والده ، ثم سافر إلى معرض باريس واحتفل به الوالي العام بالجزائر ، واجتمع في باريس برئيس الجمهورية ورجال السياسة وذاكر بعضهم في فتح البحر بالصحراء الكبيرة من خليج قابس وعدد له منافع تنشأ من ذلك للجريد ، وذكر له أوصاف الجريد التي هو عليها الآن فتخلص الوزير ابن إسماعيل من الخوض في النازلة ، لأنه يخشى من المذاكرات السياسية ، بأنه كان في سن الصغر لما كان الوالي يسافر إلى تلك الجهات ، ولذلك لم يكن يعرفها ، وأن المذاكرة في النازلة تجري في الوزارة بتونس ، فتعجب المخاطب من الجواب. ثم شاع الخبر بالإستعانة ببعض نواب الدول على توجيه الوزارة الكبرى إلى الوزير ابن إسماعيل وأن بعض النصحاء صرح له بأن الوظيفة مآلها إليه لتوجه عناية الوالي إليه ، فلا داعي إلى الإستعانة بالأجانب على ذلك لأنه يفتح بابا غير مناسب ، فإن الذي يستطيع أن يعين على الولاية يستطيع ضدها عندما يريد فلم يفد ذلك.
ثم استقرت ولاية الوزير ابن إسماعيل الوزارة الكبرى في شعبان سنة ١٢٩٥ ه على الكيفية التي تقدم ذكرها في استعفاء الوزير محمد ، واستبد الوزير ابن إسماعيل بالتصرفات وحصلت في البلاد تزينات تشبها بما وقع عند عزل الوزير خزندار ، وقد علموا ما بعثهم على ذلك إذ ذاك ، وأما هاته فكانت امتثالا لما أشير به عليهم بالإيعاز من الإتباع ، فحدث في هاته المدة أمور في الحكومة والقطر.
فمنها : تفاقم الأمر في نازلة دي صانسي ، وخلاصتها أن هذا الرجل الفرنساوي كان منح في وزارة مصطفى خزندار أن تعطى له أرض قدرها أربعمائة ماشية كل ماشية كيل مائة وإثنين وتسعين حبلا ، وكل حبل طوله خمسون ذراعا ، على أن تكون الأرض قابلة للزرع والسقي ، ويعطى له ذلك المقدار على أربعة أقساط مهما وفى بشروطه في سنة يعطى له قسط ، وعلى أن تعفيه الحكومة من جميع الأداآت ، واشترط عليه أن يربي في الأرض