ذلك من أنواع التعذيب ليؤدي المال ، وأخذوا منه أجرا على ذلك خمسة عشر ألف ريال ، وآل الأمر إلى طلب القنسل إعادة الحساب فامتنع الوزير من ذلك وحصلت بينه وبين القنسل نفرة ودامت مدة إلى أن أبدل القنسل المذكور لفراغ مدة خدمته بالسن ، وهو سر ريتشاردو ودورقته دولته ثم جاء خلفه وصولح العامل المذكور بأقل من ربع ما ادعي عليه يدفعه على أقساط.
ومنها : أن أحد أغنياء الساحل الملقب بابن الحفصية ادعى عليه بأنه اشترى زيتا من الوزير وكتب عليه حجة بنحو ثلاثين ألف ريال فتلطف بالتخلص فلم يفد ، ثم طلب أن يتوجه إلى جهة الإفرنج ليستقرض منهم ويدفع ، فأرسل معه أحد الأتباع لمراقبته ولما وصل تجاه قنسلاتو فرنسا دخلها مستغيثا فتلقته أعوان القنسلاتو وقرر نازلته. واجتهد القنسل في حمايته لما ثبت عنده ظلمه وحماه من ذلك ولم يخرج من هناك إلا وهو وجميع عائلته تحت الحماية الفرنساوية ، وتفاقم الأمر في الساحل على ذلك النوع إلى أن كتب أحد القناسل إلى نوابه بقبول كل من يلتجىء إليهم ، وكتب تقرير فيما هو واقع فأحس الوزير ابن إسماعيل بذلك فاستعفى من ولايته عاملا على الساحل وتلطف للقنسل بأن يكون ذلك ختام النازلة فانفصلت على ذلك.
ومنها : أن أحد التجار الملقب بالصباغ الذي تقدم ذكره عند الكلام على الوزير مصطفى خزندار أقرض أهل مساكن في نكبة الساحل العامة سنة ١٢٨٠ ه أموالا سلما على الزيت ، وتضاعف أمرها إلى أن عجزوا وسجنوا مدة طويلة فلما ولي الوزير ابن إسماعيل على الساحل توسط في الصلح مع التاجر على أن يتحمل هوله بما يطلبه منهم وهم يدفعون ذلك للوزير على أقساط فسرحوا على ذلك ، ونقل الناس عن التاجر المذكور أن المال أسقطه هو عن الوزير ابن إسماعيل لتوسطه في إرجاع بستان الوزير مصطفى خزندار بمنوبه ، الذي كان دفعه في الصلح عن مطالب الحكومة منه كما سبق ذكره ، وإن لم يرجع البستان إلا لورثة خزندار عند موته وإنما فعل التاجر ذلك للعلقة بينه وبين خزندار المذكور ، وبقي الوزير ابن إسماعيل يستخلص المال من أهل مساكن شيئا فشيئا هكذا شاع عند من سمع من الصباغ.
ومنها : أن أحد أتباع الوزير ولي على قبائل جلاص فما لبث فيهم مدة إلا وأقبل منهم فوج عظيم شاكين إلى الوالي بأنهم ضربت عليهم غرامة بنحو مائتي ألف ريال زيادة على أموال الحكومة ، ووقع في النازلة مبادىء هرج إلى أن صولحوا برفع الغرامة وإبقاء العامل.
ومنها : تكاثر الجعائل على الوظائف من العمال فقسمت لذلك بعض القبائل كالهمامة وعاد ما تتخوف الناس منه من امتداد الأيدي إلى الأموال ، حتى أشاع بعض العمال أنه شريك للوزير فيما يستلزمه من أنواع الدخل ، وبسبب ذلك انحطت بعض المداخيل فلزمه غابة الزيتون سنة ١٢٩٧ ه أخذها تابع الوزير ابن إسماعيل بسبعة وعشرين ألف مطر زيتا ،