ومفروش الأرض والستائر فقط ، أما أصل الطلي وتبليط الأرض بنوع صلب فلا بد منه ، وفي قليل من الديار الكبرى للأغنياء يوجد بيت واحد ذو ثلاث بهوات أو أربع ووسطه مربع والجميع في أعلى نوع من إتقان المواد والصناعة ، وكذلك يوجد بقلة جنائن في الديار وإنما كثرت بعد وجود ماء زغوان في الحاضرة ، وكل دار لا بد فيها من بئر ومأجل ومطبخ وبيوت لخزن القوت وأدواته ، ولا بد أن يكون خارجها مخزن للدواب أو بعض الضروريات ولا أقل أن يكون أسفل وسط الدار أو السقيفة دهليز لذلك إن لم يكن لها مخزن ، وقليل أن يكون لها علو بابه في السقيفة الخارجية أو الذريبة خاص بالرجال والواردين على أصحاب الدار ، والأغلب أن يكون ذلك للأعيان ويكون العلو تام المرافق والفرش وأكثر من ذلك أن يكون في عوضه بيت واحد يجلس به صاحب المحل ومن يفد عليه من الرجال ، وإذا كانت الدار ذات طبقتين فإن الهيئة المار ذكرها هي هي ، ولا يزاد فيها سوى رواقين أو أربعة أمام البيوت في صحن الدار تكون مرفوعة السقوف على حيطان وجوه البيوت من جهة ، ومن الجهة الثانية على أقواس مستندة على أسطوانات من الرخام الأبيض المتقن أو من حجارة الكذال ، والأقواس مطلية بالجص المنقوش بالنقش حديدة وفوق هاته الرواقات رواشن للطبقة العليا ولها درابزين من الجهة المطلة على صحن الدار ، ومن تلك الرواشن يدخل للبيوت التي في الطبقة العليا وهي مبنية على البيوت السفلى وهيئة البناء والفرش على النحو الأسفل سواء ، ويصعد إلى هاتيك الطبقة بدرج في أحد الأبواب التي بوسط الدار والأغلب في الدرج القديمة أن تكون على هيئة غير مناسبة لبقية بناء الدار لأنهم لا يعتنون بها سوى كونها موصلة للأعلى فتارة تكون ضيقة وتارة تكون مرتفعة تتعب الصاعد لكن في الأبنية الجديدة صارت الدرج متقنة الهيئة من الإتساع والإرتفاع المناسب بحيث لا يكون ارتفاع الدرجة أزيد من شبر وعرضها قدم ونصف وطولها ستة أقدام فما فوق ، وعلى أي هيئة كانت فلا بد لها من التبليط بالزليز أو الرخام وكثيرا ما تكون كل درجة من قطعة واحدة من الرخام الأبيض أو الأسود أو الكذال أو الصوان ، وجميع الحيطان إما مكسوة بالجليز أو مطلية بالجص ولا يكون في السفلى ولا شباك واحد على الطريق وإن احتيج إلى الضوء ولا بد ، تجعل له منافذ قرب السقف لكي لا يسمع صوت النساء ، نعم في الطبقات العليا توجد شبابيك على الطرق ولها أبواب غير منفكة من المقصب الخشب وجميع الشاببيك سواء كانت لوسط الدار أو للطريق لا بد لها من قطع من الحديد على أشكال مرونقة ، وفي القديم كانت جميع الأشكال مربعة هذا في أماكن النساء وأما أماكن جلوس الرجال فليس في شبابيكها مقصب الخشب نعم للشبابيك مطلقا أبواب من الخشب وأبواب بمساطر من خشب وطيقانها من البلور أو الزجاج.
والحاصل أن الديار من داخلها في غاية الإتقان والنظافة على حسب الرفاهية لكن خارجها لا يعتنى بإتقانه فوجه الحيوط مما يلي الطرق كثيرا ما يكون غير مجصص وإنما يبيضونها بالجير والسطوح كلها مستوية وتبيض سنويا بالجير ، فلذلك لم يكن منظر البلاد